إن تؤمن الدولة بان الثقافة احد اهم سبل بناء الانسان الجديد فهكذا تؤسس لبناء شاهق ثابت الجذور , وهذا هو حال واقع مصر الان بعد ان اعلن السيد رئيس الجمهورية فى 30 يونية لعام 2018 داخل حجرة برلمان مصر : “ان الفترة القادمة ستكون معنية بالانسان المصرى اولا صحيا وتعليميا وثقافيا” , وها هى مصر الجديدة تمد اكثر من خمسة الاف كيلومتر من الطرق كشرايين تدب الحياة فى اقاليم الوطن , وتلك انفاق وجسور الترابط الاجتماعى بين الوادى وسيناء الحبيبة , وتوسعات قناة السويس باموال المصريين وايديهم بارادة تؤكد للعالم ان المشروع المصرى الجديد صناعة مصرية مائة بالمائة , وهذه المدن المتكاملة بديلا حضاريا لعشوائيات عانت من براثنها الاسر المصرية , وليس ادل على نوايا الدولة فى تأمين قرارها واستقلاله الا كما هو جلىّ بوضوح فى امتلاك سلة الغذاء وعلى اساسها تم توسيع الرقعة الزراعية التى تأكلت من الاهمال المتردى المتتالى , وهاهو مشروع المليون ونصف المليون فدان يدعم استقلال الارادة , وبالتوازى تشهد مصر الجديدة تشييد قلاع الصناعة وصروح اقليمية تنموية ولوجستية وسياحية , وتبرق على خارطة الوطن بنوافذ بحرية على البحرين الاحمر والابيض لتؤكد ميلادا جديدا للمجتمعات الصناعية والرعوية والزراعية والتجارية , وتوزيعا متكافىء لحرف الصيد وخدمات الموانىء الساحلية وانشطة السياحة , وكان الاجمل هو مشروع العاصمة الادارية التى تنافس ارقى مدن العالم واكثرها تحضرا وتميزا معماريا ,وهضة الجلالة والعلمين وغيرهما , والتجمعات السكنية التى انهت ازمتى السكن , والاعتداء على الاراضى الزراعية فى ان واحد , ولم تخلو الصورة الوضائة من بناء بيوت الله الكنائس كالمساجد على سواء , وانتشرت الجامعات الخاصة موازية لتزايد الحكومية , وقبلهما المدارس العامة والفنية , والنوادى ومراكز الشباب , والمراكز الصحية والمستشفيات , والمواقع الثقافية التى اضاءت ارض مصر كمنارات النور, ولم يكن مشروع مصر الجديدة الا ليكون – وبالاحرى – فى صالح هذا المصرى الجديد الذى هو محور اهتمام الدولة بلا منازع , ولهذا كان التوجه الاستراتيجى بان تكون المرحلة القادمة معنية بالانسان صحيا وتعليميا وثقافيا , ومن خلال تجربتى الخاصة – جدا- بعد ان توليت اقليم وسط الصعيد الثقافى مع زملاء العمل فى محافظات المنيا واسيوط وسوهاج والوادى الجديد , وكان الشعار العام الذى تسير به مجريات الامور بالدولة (تحدى التحدى) وهو ذات الشعار الذى وجدته عنوان لاقليم وسط الصعيد الثقافى , وكانت اوليات المبادىء التى يرتكن العمل الثقافى عليها هى العدالة الثقافية , ولامركزية الثقافة , والوصول للاطراف كما المركز على السواء , ولم تكن لتلك التجربة ان تنجح الا باستنادها على ركائز اساسية , الركيزة الاولى هى صدق ارادة وزير الثقافة الفنانة الاستاذة الدكتورة ايناس عبد الدايم فى تحقيق تنمية ثقافية حقيقية وليست مظهرية بمحافظات الصعيد , فقدمت كل ما هو من شأنه التيسير فى تحقيق الهدف العام وهو (تنمية ثقافية حقيقية بصعيد مصر) , وكانت الركيزة الثانية هو اقتناع السادة محافظى الصعيد تمام الاقتناع بحتمية تحقيق تنمية ثقافية تغير من السلوكيات اليومية للمجتمع الصعيدى , وتعدل من انماط التفكير , وتجدد الوجدان العام بايجابية تجاه مبادىء الانتماء والولاء للوطن وقبول الاخر وغيرهما من جماليات ملامح الشخصية المصرية , وكانت المحطة الاولى فى دعم اللواء اوسامة القاضى لمشروع قرى المواطنة بمحافظة المنيا وتلاه حضوره لمؤتمر ادباء اقليم وسط الصعيد لتحتضن المنيا ابداعات ادباء المحافظات المجاورة فى كرم طائى متفرد , نتج عنه ان تولى امانة مؤتمر ادباء الصعيد سيدة مصرية تعيد نموذج هدى شعراوى وسيزا نبراوى وملك حفنى ناصف وغيرهن من جديد , ولان الانسان هو محور اهتمام رأس الدولة كان الامر كذلك واهتم محافظ المنيا بنفسه بعلاج احد ابناء المحافظة الشاعر اشرف عتريس الذى يأبى الا ان ينتصر على السرطان , وكان الدعم المعنوى من وزارة الثقافة ومحافظة المنيا وادباء وزملاء العمل الثقافى هو السبيل للانتصار , والى محافظة اسيوط التالية جغرافيا للمنيا , قام الوزير المحافظ اللواء عصام سعد بزيارت تفقدية متتالية للمواقع الثقافية كان اولها عقب اليوم الاول من توليه قيادة المحافظة وكان يوم جمعة وبعد الصلاة كانت اول زيارة للمحافظ نحو قصر ثقافة اسيوط مما اعطى معنى ودلالة , اما المعنى فان الثقافة من اولويات اهتمام المحافظ , والدلالة هى انعكاس لاهتمام رئيس الدولة بأهمية الثقافة رسالة ودور فى بناء المصرى الجديد , وتوالى حضور محافظ اسيوط للفعاليات الثقافية , وتردد على المواقع الثقافية حتى انه وبنفسه اهتم بحضور بروفات تخرج مشروع ابدأ حلمك الذى قدم للمجتمع الاسيوطى اكثر من خمسين شابا وشابة وطفلا وطفلة وقد انهوا بنجاح التدريب على فنون الاداء التمثيلى والاستعراضى والغناء , ليكونوا بذور مصرية خالصة تنبت فى صعيد الوطن بخضرة الحب وفبول الاخر, لا بالحقد والكراهية , والى سوهاج بلد المواويل والمواجهة التى اطلق عليها زملاء الثقافة (موقعة طما) وهى قطعة ارض مخصصة للثقافة فى مركز ومدينة طما التى يسكنها حوالى نصف المليون نسمة صعيدية , وحاول الاخرون منع اقامة الانشطة الثقافية على تلك الارض وتغير تخصيصها ولولا انتصار اللواء طارق الفقى محافظ سوهاج للثقافة وايمانه باهميتها فى صيانة وجدان المجتمع الصعيدى واستنارة فكره , ما كان النصر حليف الثقافة فى معركة طما , ويدين زملاء العمل الثقافى لهذا الرجل بموقفه الواضح فى صالح بناء الانسان المصرى الجديد , ولم يتوقف انتصاره للثقافة عند هذا الحد وان كان ليكفى هذا الموقف لكنه تابع الانشطة الثقافية وتفقد مرات عديدة لمواقعها ووعد بتقديم كل عون ودعم للمنشأت الثقافية , وكما بدأ هذا العام بانتصاره لموقع طما الثقافى انهى ايضا العام بمروره على قصر ثقافة سوهاج واهتمامه بتنفيذ احتفالية اليوم العالمى لذوى الاحتياجات الخاصة , نعم , فى صعيد مصر يهتم الحكوميون بالطفل والمرأة وذوى الهمم , والى الوادى الجديد – الارض الاقرب الى القلب – كان لمحافظها اللواء محمد الزملوط اهتمام مشددا بمتابعة العمل الثقافى وفعالياته , وكما تحتفل العاصمة القاهرة باعياد الشرطة فى الخامس والعشرين من يناير مع بداية هذا العام 2020 ايضا احتفلت محافظة الوادى الجديد ثقافيا , وعلى مدار العام كانت انشطة ثقافية تحت ادارة مباشرة من محافظ الوادى الجديد , ومنها المؤتمر العام للقرية المصرية فى مارس واحتفالات سيناء فى ابريل والعمال فى مايو , ويوليو الثورة وقبلها يونية الثورة , وبعدهما اكتوبر المجيد , واعياد الطفولة فى نوفمبر, وملتقى شباب اهل مصر فى ديسمبر وغيرها من الفعاليات الثقافية التى يشرف المحافظ بنفسه على حسن ادائها وتمام تحقيق اهدافها , الى جانب الكثير من مؤسسات الدولة الرقابية والامنية التى تحملت – بايمان واقتناع – العناء فى تسهيل وتيسير تقديم الخدمة الثقافية فى محافظات المنيا واسيوط وسوهاج والوادى الجديد , وللحق كان (تحدى التحدى) عنوانا حقيقيا لتحقيق تنمية ثقافية بصعيد مصر يليق بمشروع (بناء الشخصية المصرية) ومتوازى مع مشروع (مصر الجديدة) , والى لقاء مع اخرين من فرسان التنمية الثقافية فى صعيد مصر.