إبراهيم نصر يكتب : أين الحكمة يا دكتور مبروك؟

لم يعجبني انفعال الدكتور مبروك عطية، وتطاوله على المهندس صبرى صدومة،صاحب فيديو إلقاء الأموال من شرفة منزله على المارة فى الشارع بمنطقة أوسيم بالجيزة، واصفًا ما يفعله بـ”السفاهة”، وتكرار قوله له: “اسمع يا ابنى اسمع يا ولد” وهو أكبر منه سنا،ولا يصح لعالم الدين أو الداعية الإسلامى عموما أن يكون هذا هو أسلوب خطابه مع الكبير أوالصغير.. سرا أو علانية
لأنه بهذا الأسلوب يجافى تماما الحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتى هى أحسن، المنصوص عليها صراحة فى قوله تعالى:”ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ” (125/سورة النحل).
أضاف الدكتور مبروك، خلال هذا اللقاء مع الإعلامى شريف عامر، فى برنامج “يحدث فى مصر” المذاع على قناة “إم بى سى مصر”: إن معنى صدقة العلن أن يتوجه الغنى إلى بيت الفقير ويتصدق عليه أمام الناس، (يعنى تديله بإيد أم اللى جابوك)، وليس بإلقاء النقود من شرفة منزلك.
بالله عليكم هل يصح من عالم أن تصدر عنه مثل هذه الألفاظ أو تلك العبارات، فى لقاء تليفزيوني يشاهده ملايين الناس، ولماذا هذا التعالى على خلق الله والتقليل من شأنهم؟
وتابع مبروك عطية: “ما يفعله هذا المهندس أو غيره هو الدرجة الثالثة من درجات السفاهة وليس له أى علاقة بالصدقة ولا الزكاة” مضيفًا بانفعال وعصبية بالغين: “إنك ترمى الفلوس فى الشارع، فلازم يتقبض عليك ويتعين عليك وصى وتمنع من التصرف فى مالك”.
ثم يوجه الدكتور مبروك للمهندس صدومة سؤالا سخيفا ذات حماقة وانفعال: “قولى يا وله إنت إخوان ولا صوفى؟”. ولا أدرى ما علاقة هذا التصنيف بما يقوله أو يفعله الرجل الطيب دمس الخلق المهندس صدومه، الذى قابل الانفعال والتطاول بكل هدوء وابتسامة لم تفارقه وكانت بادية على وجهه السمح رغم ارتدائه “الماسك”،واكتفى بقوله للدكتور مبروك حين احتد عليه وتطاول فيما يشبه تعمد الإهانة: “انت محتاج تنمية بشرية”، وفى موضع آخر قال له: “هقول لك كلمة هتفهمها (سلاما) فاهمها ولا أقولك الآية” وهو يقصد آية سورة الفرقان: ” وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63)”
وإنى أسأل الدكتور مبروك: أين أنت من قوله تعالى فى سورة آل عمران آية ١٥٩”فَبِمَا رَحْمَةٍۢ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ لَٱنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ..”.
ومن قبيل الذكرى التى تنفع المؤمنين، أرجو أن يرجع فضيلة الدكتور إلى تفسير هذه الآية فى كل كتب التفاسير التى لديه، ولعله يقرأ ما قاله السعدى فى تفسيره – ولا أدرى إذا كانت الصفحة على اليمين أو على الشمال -التى قال فيها:(برحمة الله لك ولأصحابك، منَّ الله عليك أن ألنت لهم جانبك ، وخفضت لهم جناحك، وترققت عليهم، وحسنت لهم خلقك، فاجتمعوا عليك وأحبوك، وامتثلوا أمرك. “ولو كنت فظا” أي: سيئ الخلق “غليظ القلب” أي: قاسيه، “لانفضوا من حولك” لأن هذا ينفرهم ويبغضهم لمن قام به هذا الخلق السيئ.
فالأخلاق الحسنة من الرئيس في الدين، تجذب الناس إلى دين الله، وترغبهم فيه، مع ما لصاحبه من المدح والثواب الخاص، والأخلاق السيئة من الرئيس في الدين تنفر الناس عن الدين، وتبغضهم إليه، مع ما لصاحبها من الذم والعقاب الخاص، فهذا الرسول المعصوم يقول الله له ما يقول، فكيف بغيره؟!
أليس من أوجب الواجبات، وأهم المهمات، الاقتداء بأخلاقه الكريمة، ومعاملة الناس بما يعاملهم به صلى الله عليه وسلم، من اللين وحسن الخلق والتأليف، امتثالا لأمر الله، وجذبا لعباد الله لدين الله؟.
وأخيرا.. أقول للمهندس صدومة المحترم، بعيدا عن أى حكم فقهى يتعلق بواقعة إلقاء الأموال من شرفة المنزل :
“حقك على راسى”.
Ibrahim.nssr@gmail.com
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.