فضيحتان لا يُمكن أن يغفرهُما التاريخ للرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الفضيحه الأولي كونه أول من إعترف بالقدس عاصمه لإسرائيل عام 2016، والفضيحه الثانيه عندما باع دماء الأتراك ضحايا سفينة ” مرمره ” وكان هذا مقابل 20 مليون دولار، إردوغان الذي لا يعرف غير الكيل بمكيالين وإزدواجية المعايير، ويناقض نفسه، فعندما قامت البحرين والإمارات ومعهم السودان بتوقيع وإبرام اتفاقيات سلام مع اسرائيل، شن هجوماً عنيفاً عليهم، بل وإتهم تلك الدول بالخيانه والتطبيع الكامل مع الكيان الإسرائيلي، وفي المقابل كان أول من قام بتهنئة الحكومه المغربيه ( الإخوانيه ) بإقامة علاقات مع إسرائيل، بل وزاد الطين بله، قام بتعيين سفير من حزبه لدي الكيان الإسرائيلي، أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم؟! إردوغان في جميع تعاملاته مثل الرجل المرائي،
ولو رجعنا إلى القواميس العربيه المختلفه سنجد أن لفظ « المرائي » يعني أن يُظهر المرء أو الشخص للناس من نفسه بخلاف ما هو عليه يعني بإختصار بوجهين أو بوشين ومتلون مثل الحرباء، وحتي إن تعريف « المرائي » يمتد في واقع الحال من الأشخاص إلي الدول والمؤسسات، والواقع والحقيقه يُبديان أن ” العثمانلي ” رجب طيب إردوغان مرائي إلي أبعد الحدود، وتمضي سياسات تركيا من خلفه لتظهر بخلاف ما تبطن..
في نهاية شهر نوفمبر الماضي، وفي الرساله التي بعثها الآغا العثماني للمشاركين في حفل إفتتاح المبني الجديد لرابطة ما يسمي ( برلمانيون لأجل القدس ) في إسطنبول، أشار الآغا ” المرائي ” أن تركيا ستواصل الكفاح والجهاد من أجل إقامة دوله فلسطينيه مُستقله وذات سياده، وعاصمتها القدس، وهو الأمر الذي يدعو إلى السخريه من تلك التصريحات فهي تنافي واقع إردوغان تماماً، فلا أحد يصدق الرجل غشاش الشفتين، ففي تلك الرساله نجد أن إردوغان يتفاخر بأن تركيا تسعي في كافة المحافل الدوليه، للدفاع عن قضية القدس، وأنها تعمل بكل ما أوتيت من قوه لإنهاء سياسات الإحتلال والظلم والإباده الجماعيه، ضد الفلسطينيين..
الحقيقه أن إردوغان لا يتوقف عن التلاعب بعواطف الدهماء، ويشاغل الغوغائيين أو الديماغوجيين في العالمين العربي والإسلامي، وتناسي بأن ما تم في الخفاء سيُعلن، وأن ما يقال اليوم همساً في المخادع، سوف ينادي به غداً من فوق السطوح، وعلي رأي المثل الشعبي الذي يقول علي عينك يا تاجر، فأصبحت سطوح السوشيال ميديا في زمن العولمه عاليه جداً، إلي حد شاهق، وكما يقال ترصد دبيب النمل، وعلي ذلك فقد تبين للقاصي والداني، أن دعم الآغا العثماني الأجوف، في حقيقة الأمر ما هو إلا مزيداً من التآمر السري علي فلسطين و الفلسطينيين، ويتاجر بالقضيه التي تتبرأ منه، وهدم لأي أسس وطنيه حقيقيه، تجاه قضية العرب والمسلمين المركزيه و الرئيسيه..
بإختصار إتضح وتبين وتكشف للعالم كله، في الأيام الأخيره، كيف يسعي ” الأغا العثماني ” لفتح قنوات سريه لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وذلك في الوقت الذي يصر فيه علي أنه يناهض ما يطلق عليه أو يسميه ” الكيان الصهيوني ” وأنه يساند القضيه الفلسطينيه، وهو كذاب أشر، والفضيحه الكبري لتركيا ولإردوغان، كشف عنها موقع ( المونيتور ) الأمريكي، والذي أكد علي أن رجل المخابرات التركي الأشهر، والذراع الأيمن المتبقي لإردوغان في هذا التوقيت «« هاكان فيدان »» رئيس جهاز المخابرات الوطنيه التركي، قد قام بإجراء محادثات سريه مع مسؤولين إسرائيليين،
وذلك في إطار الجهود الحثيثه التي أطلقتها تركيا لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وشدد الموقع الأمريكي علي أن ثلاثة لقاءات جرت في الأسابيع القليله الماضيه شارك رئيس المخابرات التركيه «« هاكان فيدان »» فيها، والهدف الرئيسي من تلك اللقاءات هو طبعاً تسريع عودة العلاقات الطبيعيه بين أنقره وتل أبيب، والحقيقه أنه هناك بالفعل علاقات وتبادل تجاري علي أعلي مستوي، ولو ألقينا الضوء على الواقع لإردوغان وتركيا في علاقتهم مع إسرائيل، سنجده واقعاً مكشوفاً ومفضوحاً، فلم يتورع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال لقائه بحزب الليكود، في مايو الماضي، عن كشف أوراق الأغا العثماني، وذلك حين سخر منه ومن مواقفه التي يتخذها في العلن، بينما تختلف تلك المواقف في مجال العلاقات التجاريه بين البلدين،
وهذا يؤكد إزدواجية المعايير لدي إردوغان، وقال نتنياهو بالنص أنه ربما يكون الإسرائيلي الوحيد الذي لا يسافر إلى تركيا، قاصداً طبعاً أن الإسرائيليين يسافرون إلي تركيا بإستمرار، ولا يقابلون اية عوائق علي الإطلاق، لأنهم في بلدهم الثاني، بذلك وضع نتنياهو النقاط فوق الحروف، حين قال « نحمد الله أن التجاره بين تركيا وإسرائيل مُنتعشه » إردوغان المُتناقض، فلقد إعتاد إردوغان علي أعمال الظلام كالخفافيش، مثله مثل بائع الشموع الذي يخشي عودة التيار الكهربائي، فالنور يفقده أوراق المزايده، والدليل تصريحاته بعد إعلان الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب، عن خطته للسلام في المنطقه،
ولو تذكرنا يومها إمتطي العثمانلي حُصانه الخشبي ماسكاً سيفه الخشبي، وإمتشق سيف البطوله العنتريه، واصفاً خطة ترامب، بأنها لن ولم تخدم السلام ولا اية حلول، وأنها مجرد خطه لتجاهل الحقوق الفلسطينيه وإضفاء شرعيه علي الإحتلال الإسرائيلي.. يعطيك من طرف اللسان حلاوة ويروغ منك كما يروغ الثعلبُ، هكذا هو إردوغان الرجل ««المرائي »» الذي أصبح مكشوفاً ومفضوحاً وهذا أمر لا مناص منه، ومن يروجون له ولسياساته ليسوا إلا أبواقاً إعلاميه متهافته عميله وأجيره، وتدس السم في العسل، وتغزل علي المتناقضات لتعميق الفجوات بين الأنظمه والشعوب،
لكن السؤال المُلح والذي يشغل بال الكثيرين والملايين، ما الذي يجعل الأغا العثماني علي عجله من أمره علي هذا النحو، ليهرول إلي تسريع عودة العلاقات الطبيعيه بين أنقره وتل أبيب، سنجد أن محور القصه يتمحور حول الرئاسه القادمه والإداره الأمريكيه القادمه للرئيس الأمريكي المنتخب ( جو بايدن ) فبايدن بإختصار ومن الآخر لم يكن يوماً مُخل، ومن المؤكد لن يكون صديقاً لتركيا والعثمانلي، فقد عُرف بمواقفه الحاده من نظام حزب الحريه والعداله، ودائم التحدث عن ضرورة دعم المعارضه التركيه، من أجل الإطاحه بالنظام الإردوغاني، الذي وصفه أكثر من مره «« بالمُستبد »» ولم تقف تصريحات ” جو بايدن ” بخصوص تركيا عند هذا الحد، فهو كان من أصحاب المواقف الرافضه لقرار إعادة متحف ” آيا صوفيا ” إلي مسجد، بل وإتهم تركيا بإثارة التوتر في منطقة الشرق الأوسط، وتأجيج الصراعات والنزاع في القوقاز، وكذلك أعلن بايدن عن نيته الواضحه في أنه سيجعل تركيا تدفع الثمن لحيازتها منظومة الصواريخ الروسيه « إس 400 » والتي تعتبر قادره علي تهديد فخر الصناعات الجويه الأمريكيه «« أف – 35 »» ولم يتوقف ” جو بايدن ” عند هذا الحد، بل طالب بالمزيد من الضغط على تركيا لتخفيف التوتر مع اليونان، كما أنه عارض إنسحاب القوات الأمريكية من شمال سوريا،
بكل تأكيد إسرائيل لن يفوتها أن التوجهات التركيه والهروله الإردوغانيه لتسريع عودة العلاقات الطبيعيه بين البلدين، ما هي إلا محاولات للهروب من ” جوزيف بايدن ” الرئيس الأمريكي المُنتخب، لأنه سيجلد الأغا العثماني، والآتي من بعيد وفي يده صولجان الإمبراطوريه الأمريكيه القادره علي تسديد ضربات موجعه وقاتله، للبلد المنبطح لإسرائيل، والذي يعاني من تهاوي في الإقتصاد وتهاوي لعملته المحليه، وضائقه إقتصاديه لا مثيل لها، بل وتفكك نسيجه المجتمعي في ظل رجل الأوهام ( المرائي ) الذي يحكم البلاد وذهب بها إلي حافة الهاويه.. بكل تأكيد الإسرائيليين يدركون المشهد تمام الإدراك، وبكل تأكيد الأتراك يدركون أن إردوغان مُختل الإدراك، ومؤكد أن تسريبات رئيس المخابرات التركيه ( هاكان فيدان ) كشفت إردوغان أمام شعبه الذي لفظه.