الدكتورة سامية خضر تكتب : الانتخابات الأمريكية والدروس المستفادة
لاشك أن العالم كله عاش يتابع عن كثب مسرحية الانتخابات الأمريكية خاصة بعد تعنت ترامب النزول من على عرش الرئاسة رغم إخفاقه ،
بل وتوعده بمعاقبة الولايات التى لم ترتفع فيها الأصوات لصالحه ووصل الأمر إلى اتهام هذه الولايات بالتزوير وهناك من توقع أن تدخل أكبر وأغنى دولة فى العالم إلى ما يسمى سيناريو الجحيم خاصة بعد تعيينه قاضية جديدة تحسبا لوصول أزمة الانتخابات الأمريكية إلى المحكمة العليا كما حدث فى عام 2000 وقد تؤكد تلك المشاهدات أن أمريكا ليست أبداً أرض الله المختارة للحرية والديمقراطية والتقدم الفكرى والاخلاقى معا وبالتأكيد هناك كثيرمن النتوءات المؤثرة على ذلك المجتمع الذى يعج بالصراعات العرقية والطبقية والعنف وتشرذم الاحزاب السياسية ، فالعنف فى أمريكا هو الأب الشرعى لمجتمع يضج بالتفاوت والتمزق داخل المجتمع الأمريكى ويصل أحياناً إلى حد الإرهاب والتطرف حيث لا يكاد يخلو بيت أمريكى من السلاح كما تنتشر عصابات الجريمة فى كثير من المدن بالإضافة لظاهرة عدم الأمن والأمان فالعنف بدأ من الجذور (فى إبادة الهنود الحمر والصراع على الأرض والموارد) ويتمثل عدم الأمن فى سرعة الاستغناء عن أى شخص داخل العمل دون حتى اعطاء مبرر وفى الوقت الذى كان ترامب قد رسم لنفسه خطا خاصاً وهو (أمريكا أولاً) أكد الرئيس الأمريكى الجديد (جون بايدن) أن الولايات المتحدة ستكون مستعدة لقيادة العالم ومشدداً أنها ليست مستعدة للانسحاب من تأكيدها على تلك القيادة .
ومن المعروف أن ترامب قد انسحب من عدد من الاتفاقيات الدولية المتعددة الأطراف مما أضعف من تلك الاتفاقيات عالمياً مثال الاتفاقيات الدولية للمناخ والعدول عن تنفيذ خطة الطاقة النظيفة وغيرها حيث أنه كان معظم أعضاء إدارة ترامب من أصحاب المليارات الناتجة عن أنشطة النفط وقد أهتم ترامب بالنشاط التجارى على حساب الطاقة النظيفة وحماية البيئة وقد أعتبر البعض أن ترامب قد تجنب ذلك الوضع المثير الذى يعرض علم حماية البيئة للاحتقار .
ولاشك أن أزمة فيروس كورونا ستكون فى المرتبة الأولى لاهتمام الرئيس بايدن كذلك الضرائب والعنصرية والهجرة وبمناسبة الهجرة فبينما فرض ترامب تعريفات جمركية على سلع قادمة من أوروبا والمكسيك وتفاوض على اتفاقية مع كندا لتحل محل إتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية فإنه مما لا شك فيه أن الرعاية الصحية كانت من أكثر الأسباب التى ساهمت فى سقوط حملة ترامب الذى دوما كان يجهر برغبته فى الغاء قانون الرعاية الصحية ولا ننسى أنه فى عام 2018 قام بالغاء وكالة حماية البيئة الأمريكية بموجب قانون الهواء النظيف كذلك انسحابه من اتفاقية باريس مما جعل الولايات المتحدة هى الدولة الوحيدة التى تخلت عن الاتفاقية . وأهتم بفرض قيود على الهجرة الشرعية وترحيل المهاجرين الذين وصلوا إلى البلاد وهم أطفال .
وتؤكد الدراسات السياسية أن المشاركة السياسية من المواطنين تعمل على ظهور مصطلح السوق السياسى Political Market حيث تشير إلى أن المواطنين والسياسيين الذين يشاركون فى السوق السياسى يحاول كل منهم الحصول على أقصى فائدة معينة فالمواطن يريد الحصول على خدمات وامتيازات والسياسى يريد الحصول على أصوات الناخبين .
والأهم من كل ذلك أهمية أن تساند وسائل الإعلام النزيهة المواطنين بتثقيفهم وتوعيتهم سياسياً واجتماعياً واقتصادياً لصالح الوطن وحماية مستقبله وليس الجرى وراء شعارات زائفة ولعلنا نأخذ درسا هاما لما يجب أن تكون عليه البلاد حتى تستمر مصر قد الدنيا وأم الدنيا .. هل من مجيب ؟
ا . د سامية خضر
أستاذ علم الاجتماع
كلية التربية / جامعة عين شمس