هاني سالم يكتب : مصر في عهد السيسي .. تستعيد حضورها الإستراتيجي .. وعُمقها الإفريقي

مِصرُ “هبة النيل ” كما قال ( هيرودوت ) قبل ألفي وخمسمائة سنه، ومِصرُ بموقعها الجغرافي والإستراتيجي شمال شرق القاره الإفريقيه، جعلها بوابة إفريقيا للتجاره والثقافه وتبادل الحضارات والثقافات، وظل الزعيم الخالد ” جمال عبدالناصر ” يردد «« ستظل شعوب القاره تتطلع إلينا، نحن الذين نحرس الباب الشمالي للقاره، والذين نعتبر صلتها بالعالم الخارجي كله »» وأدرك ما لم يدركه غيره، وهو أن مصر رأس القاره، وعليها أن تتصدي للقياده وتستعيد عافيتها. والآن تركز الدوله المصريه علي تعزيز العلاقات الثنائيه مع كافة الدول الإفريقية، لا سيما دول حوض النيل، ومنطقة القرن الإفريقي، ومتابعة كافة التطورات بالقاره الإفريقية، وكذلك تداعياتها على الأمن القومي المصري والمصالح المصريه، ونجحت مصر بفضل قيادتها الرشيدة والحكيمه، صاحبة الرؤيه الثاقبه، في إستعادة الدور المصري الرائد في إفريقيا، فالإنفتاح علي إفريقيا وتنميتها هو أمر حيوي راهنت عليه الدوله المصريه، بدليل حجم الشراكات العسكريه والأمنيه، وجهودها المضنيه التي بذلتها خلال الأعوام السابقة، مثل الجهود الإغاثيه التي قدمتها للدول الإفريقية التي تعرضت للكوارث والمآسي والفيضانات، وكافة الظروف الإستثنائيه، وكذلك الشراكات الأمنية والعسكرية وتدعيم مصر للمؤسسات العسكريه لمعظم دول القاره ونقل الخبرات لها،
فجميعها شراكات لها طابع ممتد وإستراتيجي. مصر تخطو خطوات مهمه في صيانة الأمن القومي المصري، مما عزز إعادة تغيير الديناميات السياسيه في منطقة القرن الإفريقي، ومنطقة شرق إفريقيا، ويولي الرئيس عبدالفتاح السيسي أهميه جيوسياسيه خاصه لمنطقة القرن الإفريقي، والدول المطله علي البحر الأحمر، فهي تقع على ممر مائي هام للدوله المصريه، وهو مضيق باب المندب، خاصة مع ما تشهده بعض هذه الدول من وقت لآخر من عدم الإستقرار الداخلي الناتج عن نزاعات عرقيه، وإنتشار القواعد العسكريه الأجنبيه علي أراضيها، وتنامي الإرهاب بشكل فج فيها، وهذا يتطلب جهود مصريه حثيثه تجاه هذه الدول ( دول القرن الإفريقي ) حتي لا نري أي تهديد أو تحديات لممر قناة السويس،
وتأتي زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلي جنوب السودان خطوه شديدة الأهميه، في ظل التحديات الراهنه التي تشهدها المنطقة، والمليئه بالتحديات والصعوبات والتهديدات، فلا شك أن هذه الزياره أهم الزيارات الخارجيه للرئيس السيسي التي قام بها خلال الفتره الأخيره، كما أنها تعتبر أول زياره لرئيس مصري إلي دولة جنوب السودان، فجنوب السودان ومصر معنيان بإستقرار منطقة القرن الإفريقي، الذي يشهد إضطرابات ونزاعات كبيره للغايه في تلك الآونه، والتي تربك الحسابات ومعادلة الإستقرار بالمنطقه برمتها، زياره هامه وتاريخية، أعادت مصر إلي عمقها الإفريقي، ووضعت أسساً جديده لعلاقه إستراتيجية قويه بين القاهره وجوبا، فمن دور مصر القوي والمحوري والنشط في عمقها الإستراتيجي، والمؤثر في إقليم ملتهب ومشتعل،
جاءت زيارة السيد الرئيس، والتي تحمل الكثير من الرسائل أهمها أن سياسة مصر الخارجيه تسير على خط متوازن، يربط القاهره بعمقها الإستراتيجي، وتعزيز علاقتها مع دول القاره في مختلف المجالات. «« السيسي يستعيد لمصر سيادة القرن الإفريقي »» فلقد عمل السيد الرئيس منذ إنتخابه رئيساً للبلاد، وتوليه مقاليد الحكم، علي توثيق علاقات مصر الإفريقية، وإعادة إحياء التعاون المصري الإفريقي، بعد سنوات طويله من الجفاء والإهمال أثرت على آليات التعاون بين مصر والدول الإفريقية، وأدت إلى تراجع مصر علي الساحه الإفريقيه تاركة الساحه ليعبث بها الطامعين والمستغلين وأصحاب النفوذ، فأعاد الرئيس عبدالفتاح السيسي مصر إلي حضن إفريقيا، وأعاد لها مكانتها، وريادتها الطبيعيه، وهذا لم يكن ليتحقق لولا السياسه المصريه الناجحه، صاحبة النظر الثاقب، وهي السياسه التي وضعها وتبعها الرئيس السيسي،
وكما قال سيادته إن مصر ستظل السند الوفي لشعب جنوب السودان، الحريص على مصلحته، وأن مصر ملتزمه بتقديم كافة أوجه الدعم من خلال التعاون بين البلدين، ودعوته للمجتمع الدولي برفع العقوبات عن جنوب السودان الذي يتعافي الآن من حرب أهلية إستمرت لخمس سنوات، ومقتل حوالي نصف مليون شخص. زياره ناجحه بكل المقايس وموفقه للسيد الرئيس، ومباحثات ثنائيه معمقه ومثمره، تعكس توافر الإراده السياسيه المشتركه لتعزيز الشراكة الإستراتيجية والإندماج بين البلدين بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين، في ظل التحديات والتطورات الجاريه في منطقة القرن الإفريقي وشرق إفريقيا ذات الأهميه الإستراتيجيه، والتي تشهد سلسله مستمره من النزاعات الحدوديه والأهليه والطائفيه، وإنفصال أقاليم لا سيما إثيوبيا، .فباتت منطقة القرن الإفريقي بمعناها الضيق، محوراً لما يمكن أن نطلق عليه ” الحرب البارده الجديده ” فبحكم الموقع الإستراتيجي يأبي القرن الإفريقي إلا أن يكون في موضع القلب من التفاعلات الدوليه، وهو ما يجعله بإستمرار منطقة أزمات محتمله، وذات أهميه جيوسياسيه، ومسرحاً لتنافس القوي الكبري، فالديناميات والتطورات السياسيه الداخليه في المنطقه، وخاصة في إثيوبيا التي كانت تتعامل مع القوي الأجنبيه علي مدي القرنين الماضيين، وأثبتت براعتها بالحيله في الإيقاع بينهم تارة، وتبديل الولاءات بما يحقق مصالحها تارة أخرى، قد دفعت بمنطقة القرن الإفريقي ومنطقة شرق إفريقيا مرة أخرى إلي منطقة الخطر وما يهدد سلامتها، ودائرة التنافس الدولي من أجل إكتساب السلطه والنفوذ. فلم يكن القرن الإفريقي يوماً بعيداً عن معترك التكالب الدولي التي شهدتها القاره الإفريقيه، منذ عصر دبلوماسية البنادق الإستعماريه، والتنافس الجيوسياسي وشبكة التحالفات العنكبوتيه في المنطقه، لفتح الباب علي مصراعيه أمام قوي خطيره في منطقه مضطربه منذ فتره طويله، فأصبحت المنطقه الإستراتيجية والهامه للأمن القومي المصري إستراتيجياً وسياسياً وإقتصادياً، ملعب مفتوح لمن يحكم،
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.