اللواء دكتور سمير فرج يكتب : هل أصبحت إثيوبيا علي أعتاب حرب أهلية ؟

اللواء دكتور سمير فرج
هو رئيس الوزراء الأثيوبي أبي أحمد الذي فاز بجائزة نوبل للسلام عام 2019 هو نفسه الذي أصدر أوامره للجيش الإثيوبي بشن عملية عسكرية ضد أقليم تيجراي أحد الأقاليم التسعة في دولة إثيوبيا، أبي أحمد هو الذي أصدر الأمر بإقالة قائد الجيش الإثيوبي ووزير الخارجية ورئيس جهاز الاستخبارات الأسبوع الماضي ويقول أبناء تيجراي أنهم تعرضوا للاستهداف من خلال عملية التطهير التي بدأتها الحكومة الإثيوبية وعلي الأخص من أبي أحمد رئيس الوزراء حيث تعتبره تيجراي رئيس وزراء غير شرعي بسبب أن ولايته استمرت بعد تأجيله الانتخابات تحت حجة أزمة الكورونا ولقد بدأت الأزمة بين الطرفين في سبتمبر الماضي عندما تحدي الحزب الحاكم في تيجراي الحظر المفروض علي الانتخابات وأجري تصويتاً اعتبرته الحكومة المركزية في أديس أبابا غير شرعي وتعدي علي قرار الحكومة المركزية وبعدها أصدر البرلمان الإثيوبي قرارا بحل الحكومة المحلية في إقليم تيجراي ومن هنا اندلعت شرارة الصراع وعندما نعود لأصول الصراع نجد أن النخبة في إقليم تيجراي كانت مسيطرة علي السلطة في إثيوبيا قرابة الثلاث عقود الماضية حتي وصول أبي أحمد للسلطة عام 2018 الذي ينتمي إلي عرق أورومو الذي نحي جانباً عناصر إقليم تيجراي وأصبحت السيطرة الكاملة له وحالياً فإن الحكومة المركزية في إثيوبيا تسيطر علي 9 أقاليم لها حكم إداري شبه ذاتي ومنهم إقليم تيجراي الذي يمثل 6 ملايين مواطن من أصل 100 مليون هي تعداد دولة إثيوبيا وجاء قرار أبي أحمد رئيس الوزراء بدفع الجيش الإثيوبي لشن عملية عسكرية ضد إقليم تيجراي بعد سقوط مجمع القيادات الشمالية للجيش الإثيوبي في عاصمة تيجراي علي أيدي القوات المحلية كما استولت قوات تيجراي علي قاعدة عسكرية للجيش الإثيوبي وبعدها قام الجيش الإثيوبي بتكثيف غاراته علي المسلحين في إقليم تيجري المعارض للسلطة الفيدرالية واعلن التليفزيون الإثيوبي أن الجيش سيطر علي مطار حميدا بالكامل في أقصي شمال غرب البلاد وفي خطوة لتحسين صورتها أمام المجتمع الدولي ولقد أعلنت إثيوبيا استعدادها لإجراء مباحثات سلام مع حكومة تيجراي بشرط قيام هذه الحكومة بتدمير كافة المعدات العسكرية الموجودة لديها وإطلاق سراح المسؤولين الاتحاديين وقادة الأقاليم وبالطبع رفضت السلطات في حكومة تيجراي تلك الشروط ومن هنا تعقدت المشكلة خاصة أن إثيوبيا توصف بأنها تحتضن إعراق وقوميات مختلفة حيث هناك حوالي 80 مجموعة عرقية في إثيوبيا ومنها العرقية الأورومية التي هي أكبر جماعة عرقية تمثل 34% من سكان البلاد والأمهره 27%.
أما التبجيري فهي حوالي 6% من إجمالي السكان ومن هنا ظهر التخوف حالياً من قيام باقي هذه العرقيات بطلب الاستقلال عن الحكومة المركزية في أديس أبابا من المناطق التسعة المكونة للحكومة الفيدرالية في العاصمة الإثيوبية ولقد حاول أبي أحمد رئيس الوزراء في الفترة الماضية أن يلتف الشعب في إثيوبيا حول مشروع سد النهضة باعتباره مشروعاً قوميا للبلاد بل أنه وعدهم ببدء انطلاق الكهرباء من هذا السد هذا العام بعد فترة المليء الأولي وهو الأمر الذي لم يحدث لأن ارتفاع المياه لم يكن كافياً لتشغيل التوربينات في البوابات الأمر الذي أظهره أمام الشعب الإثيوبي بأنه كاذب وغير أمين كذلك حاول أبي أحمد استغلال مشكلة سد النهضة والصراع مع مصر والسودان لتجميع الشعب الإثيوبي للوقوف ودعم القيادة الإثيوبية ولكن كانت القيادة المصرية الحكيمة تتحدث دائماً بأنها مع مصالح التنمية في إثيوبيا وأن المفاوضات السياسية هي أساس الحل لهذا النزاع ولم تتطرق مصر أبداً إلي اللجوء للحل العسكري لذلك جاءت الضربة له في هذا التوقيت من إقليم تيجري الذي أصبح الآن يشكل تهديداً باحتمال نشوب حرب أهلية تجتاح إثيوبيا بالكامل خصوصاً أن الأزمة الاقتصادية في البلاد طاحنة وأن الاقتصاد الإثيوبي يعاني بشكل كبير من التضخم وارتفاع الأسعار كل ذلك قد يؤدي إلي انتفاض باقي الأقاليم التسعة في البلاد ضد ابي أحمد ولقد بدأ الأمر واضحاً بنزوح العديد من السكان في تيجري إلي السودان الذي سوف يشكل أيضاً مشكلة كبيرة للسودان في هذه الفترة بالذات رغم تعالي الصيحات في المنظمات الدولية والأفريقية بوقف القتال… ومن هذا المنطلق فإن الجميع ينتظر نتائج أعمال القتال في الفترة القادمة من الجيش الإثيوبي في اتجاه إقليم تيجري المسلح بأسلحة قوية قد تطيل أمد الصراع بينهم وهو الأمر الذي يهدد بحرب أهلية طويلة في إثيوبيا في الفترة القادمة.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.