إذا كنا قد اتفقنا بقدر ما ان الانسان هو محصلة مجموع عقله وروحه ونفسه وضميره وذاته معاً , تلك الخمس المكونة لهذا الانسان محل الحديث عن ارتقائه وتحضره , شريطة ان تكون مجتمعة معا وتلك اللحظة الابداعية فى التغير الحضارى عندما تجتمع المكونات وتتحد فى تكوين وحيد اسمه الانسان (المتحضر), واتفقنا ان الانسان لن يملك تغير وضعيته الى الارتقاء وتوصيفه الى الاسمى فى حياته من الصفر الانطولوجى الى الرقم الصحيح الموجود والمؤثر ايجابيا بحضوره , وسلبا بغيابه , إلا عندما يدرك ماهية انسانيته, والان بعدما ادرك المصرى الجديد كنه الوجود وماهيته , عليه التحول من مرحلة المجرد اللاملموس من جانب ادراك فكرة وجوده الى مرحلة الفعل المسبب لتحقيق هذا الوجود واثباته , فلن تكن هناك اهمية حقيقية فى مجرد الادراك – فقط – بل العمل هو ما يصدّق الايمان , ويتأكد الوجود الانسانى بما صدق وما دل , وهنا يتحتم على العناصر الخمس التفاعل الايجابى , فيبقى الضمير يقظا مراقبا لشهوات النفس وغرائزها الحاكمة على مدى ارتقائها , وتظل الروح محركا اساسيا تتفجر بطاقات ايجابية تتولد عنها رغبة عارمة وصادقة فى البقاء اولا ثم التغير ثانيا , ويأتى الدور على العقل فى توقد نشاطاته الدائمة وممارسة عمله الوحيد الذى خُلق من أجله وهو التفكير والتدبر والاختيار بين الاولويات واتخاذ القرارت الناجم عنها بقاء صاحبه وتحضره وارتقاءه , وجميع تلك العناصر الاربع تسير فى منحى اثبات الذات وتحققها وهى العنصر الخامس للوجود الانسانى , فلن ينادى احدا منا على آخر غير محقق الذات , ولن يعير المجموع الانسانى اهتمام بالوجود الزائف للانسان غير المتحقق , وسيصدر العقل الجمعى قرارا باستبعاد وربما وفاة الانسان – غير المكتمل – الذى لم يحقق ذاته , وهو الهدف الاسمى من الوجود الحقيقى للانسان.