أحسب أن تكرار الرسوم المسيئة لرسولنا الكريم من وقت لأخر ومن دولة إلي أخري يعني بوضوح أننا لم نقم بتعريف أنفسنا ولا ديننا ولا أخلاق نبينا بالقدر الذي يجعل الغرب كله يعرف معني قول الله تعالي في وصف نبينا محمد صلي الله علية وسلم بأنك لعلى خلق عظيم.
كما أحسب أن جريمة نيس بفرنسا بعد أيام من حادث قطع رأس المدرس الفرنسي الذي عرض رسوم مسيئة علي طلابه, ولم تهدأ الأجواء حتي يقدم شاب تونسي 21 عام هاجر حديثا إلي أوروبا بقتل ثلاثة أشخاص قرب كنيسة نوتر دام جنوب شرق فرنسا ليبادر بطعن خادم الكنيسة وقطع رأس امرأة مسنة وطعن ثالثه, هي جريمة مدبرة بكل تأكيد لتظل النار مستعرة علي الإسلام والمسلمين وتأكيد وصف الإرهاب بالإسلام هكذا بكل وضوح وبساطه وكأنها مترادفات طبيعية.
تأخرنا كثيرا في تعريف الغير بنا وبأخلاق رسولنا الكريم, ولهذا يأتي إعلان فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف بقرب إطلاق منصة عالميه للتعريف بنبي الرحمة ورسول الإنسانية صلي الله عليه وسلم أمرا يرتقي إلي مرتبة فرض عين ولسان حالنا يقول أن تأتي متأخرا خيرا من أن لا تأتي أبدا. وأعلن أن مرصد الأزهر لمكافحة التطرف سيقوم بتشغيلها بالعديد من لغات العالم, إضافة إلي تخصيص مسابقة بحثية عالميه عن أخلاق سيدنا محمد وإسهاماته التاريخية الكبرى في مسيرة الحب والخير والسلام . وأعتقد أن أهم ما ذكره شيخ الأزهر هو مطالبة المجتمع الدولي بإقرار قانون عالمي يجرم معاداة الإسلام والمسلمين والتمييز ضدهم, علي غرار قانون تعقب الأعمال المعادية للسامية عالميا والذي أقره الكونجرس الأمريكي ووقعه الرئيس بوش 2004.
مصطلح معادة السامية في ذاته يعني جميع الشعوب التي تتكلم اللغات السامية ومنها اللغة العربية والعبرية والأشورية والفينيقية والأرمنية ورغم ذلك تم استخدام المصطلح بمعني كراهية اليهود وحدهم وتم قصر المصطلح والقانون وفق هذا المعني المحدود فقط وعليه شاع استخدامه عالميا.
وبعيدا عن الأفكار وليدة اللحظة كما عبر عن ذلك شيخ الأزهر الذي نكن له كل الاحترام والتقدير خلال الاحتفال بالمولد النبوي الشريف, أدان بعبارات واضحة حادث القتل الإرهابي البغيض للمدرس الفرنسي لكنه في نفس الوقت أدان الهجمة الشرسة علي الإسلام والمسلمين, والإساءة للإسلام والمسلمين التي أصبحت أداة لحشد الأصوات والمضاربة بها في أسواق الانتخابات, علي حد قوله. وبعيدا عن مواقف ردة الفعل التي اعتدنا عليها في مختلف شئون حياتنا, والتي لم تعد تصلح أبدا وسط عالم يموج بالمخططات السوداء لمنطقة الشرق الأوسط وشعوبها ومخاطر حقيقية تحيق بنا خارجية وداخليه.هناك مخطط كشفته وأشارت له الدكتورة هبه جمال الدين في أكثر من لقاء متلفز وعبر عدد من الندوات بل وأعدت أول بحث باللغة العربية لتحذرنا مما يتم الإعداد الجيد له داخل أروقة الكونجرس الأمريكي منذ عام 1990. ويبدو أن ما أشارت له بخوف شديد يتم تحققه علي أرض الواقع بكل سهولة ويسر كما تسير السكين في الزبد كما يقولون في الأمثال الشعبية.
خطة محكمة أحد عناصرها شيطنة الدين الإسلامي ووصمه طوال الوقت بالإرهاب حتي يتقبل العالم فكرة صهر الأديان في بوتقة أخلاقية واحدة تضم كل القيم والمبادئ مثل التسامح والتعايش السلمي, وهي قيم لا خلاف عليها بين الأديان السماوية الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلام والفكرة في ذاتها تبدو جيدة ومقبولة لتنظيم حياة البشر بلا عنف أو كراهية وقبول الأخر. خاصة الأجيال الجديدة التي يصدر لها طوال الوقت اقتران الإسلام بالعنف والإرهاب, وها هي حوادث فرنسا الأخيرة رغم أنها بدأت بتصرف عنصري معادي للإسلام ولرسولنا الكريم وعرض صورة مسيئة له علي طلاب من بينهم مسلمين إلا أنه الأمر تطور بحادث إرهابي شنيع بطعن ثلاث أبرياء ليخدم ذلك الهدف وأثبات تهمة الإرهاب علي الإسلام والمسلمين.
الأفكار البراقة الجيدة كما تشير د. هبه جمال الدين في بحثها الذي تحدثت عنه تخفي أكثر مما تبدي, خاصة لو تعلق الأمر بحلم إسرائيل الكبرى من الفرات إلي النيل ذلك الحلم الصهيوني الأثير الذي بات أقرب إلي الواقع خاصة بعد الهرولة العربية نحو إسرائيل. تفاصيل كثيرة دقيقة ومخيفة يجب أن ينظر لها بعين الاعتبار وربط الأحداث وتحليلها خاصة وان توقيت حادث نيس لا يمكن أبدا أن يكون مصادفة.