وصلني هذا الأسبوع، من أحد أصدقائي في الخارج، جزءاً من فيلم وثائقي، أجنبي، عن حرب أكتوبر 73، يتناول مجموعة من الأحداث، من ضمنها حوارات مسجلة تقارن بين موقف موشى ديان في أعقاب حرب 67، وموقفه مع بداية حرب أكتوبر 73. جدير بالذكر أن موشى ديان، وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق، قد اعتبره الإسرائيليين، بعد حرب 67، بطلاً عظيماً، بعد ما روجه عن نفسه في وسائل الإعلام الإسرائيلية، عن تمكنه من هزيمة ثلاثة دول عربية، واحتلال أجزاء كبيرة من أراضيها.
ركز الفيلم الوثائقي، على غرور، وصلف، موشى ديان، بعد انتصاره في يونيو 67، عندما قال، متهكماً، أنه يجلس بجوار هاتفه، في انتظار المكالمات المتتالية للقادة العرب، ليحدد لهم موعد القدوم إلى إسرائيل، لإعلان استسلامهم، وقبول الشروط الإسرائيلية للتسليم. وفي تعقيبه على أن العرب، سيريدون، بالتأكيد، استعادة أراضيهم، قال “عليهم، إذن، أن يحاربونا”. وفي سؤال، وجه له وهو واقفاً على الضفة الشرقية لقناة السويس، وأمامه الضفة الغربية، عما سيفعل لو كان مكان المصريين، الآن، وهل سيقرر الهجوم، جاء رده سريعاً بأنه لا ينصح المصريين بذلك، لأن دمارهم سيكون، عندئذ، عنيف!
انتقل الفيلم الوثائقي، في فقرته التالية، مباشرة، إلى ما بعد عبور المصريين لقناة السويس، وسقوط خط بارليف، مصوراً الهلع الذي ساد إسرائيل، عندما فوجئت بالحرب، وعرض الفيلم ظهور موشى ديان، يوم 9 أكتوبر، الشهير، بنبرة مغايرة تماماً، لم يعهدها منه العرب أو الغرب، ليصرح بصوت منكسر، ومرتعد، قائلاً “إن إسرائيل تحارب بقسوة الآن … حرباً مريرة … من أجل البقاء”، مضيفاً، “إن المصريون يقاتلوننا بشراسة لم يعهدها الإسرائيليين من قبل”، قبل أن يبدأ في نعي قتلاه وتوجيه كلمات المواساة لأسرهم.
أبرز الفيلم، الوثائقي، الغربي، بوضوح، التحول من نبرة الغرور … إلى نبرة الانكسار، والسؤال هنا … من الذي هدم غرور موشى ديان، وحطم كبرياءه، بين 67 و73؟ إنه الجيش المصري الباسل، والشعب المصري العظيم، الذي تحمل كل التبعات الاقتصادية والاجتماعية لهزيمة 67، رغم مرارتها، ووثق في قدرات قواته المسلحة، وأعلى مصلحة الوطن، حتى تحقق النصر، وحطم الشعب والجيش غطرسة وغرور موشى ديان، في ست ساعات، تماماً كما حطم خط بارليف، وعبر القناة، ليسطر ملحمة جديدة، مضيئة، لم ولن تتكرر في العصر الحديث.