مازالت لعنة “وباء كورونا” تطاردنا، وتهدد حياتنا، وتحصد أرواح الأقارب والمعارف والجيران والأصدقاء والزملاء، وها هى آخر الضحايا فى دائرة المعارف والزملاء المقربين: السيدة الفاضلة والزميلة العزيزة سامية زين العابدين، المحررة العسكرية نائب رئيس تحرير جريدة المساء، وعضو الهيئة الوطنية للصحافة.
هذا الفيروس اللعين أعجز العقل البشرى، وحتى الآن لم يتم التوصل إلى مصل أو لقاح يقى من الإصابة به، وكل الإجراءات الوقائية فى أحسن صورها لم تمنع إصابة رئيس أقوى دولة فى العالم، وظل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تحت الملاحظة الطبية حتى اطمأن الفريق الطبى المعالج أنه لم يعد يمثل خطرا على من حوله، وغادر المستشفى مؤخرا لممارسة نشاطه الرئاسى، واستئناف حملته الانتخاببة.
وكانت إصابة الرئيس ترامب بفيروس كورونا بمثابة الإشارة، والإذن لبدء الموجة الثانية من هذا الوباء اللعين، وقد بدأت المؤشرات بمعاودة ارتفاع معدلات الإصابة، فى أوروبا وأمريكا وبعض الدول العربية.
وكل التحذيرات تؤكد أن الموجة الثانية ستكون أشد خطرا وفتكا، وللأسف الشديد ما زال البعض فى مصر لا يؤمن بضرورة الالتزام بالإجراءات الوقائية المتبعة منذ بداية تفشى الوباء من ضرورة الحفاظ على التباعد الاجتماعى فى الأماكن العامة وارتداء الماسك الطبى وغسل اليدين بالماء والصابون بين الحين والآخر، وتطهيرها بالكحول.
أخطر ما يقال فى هذا الشأن، ويتداوله البعض بعفوية: إن كورونا جاءت بكشف أسماء من الله تعالى ستحصد أرواحهم وتمضى، ويقال هذا الكلام فى معرض تبرير عدم الالتزام بالإجراءات الاحترازية.
لا يسعنى فى هذا المقام التغافل عن ذكر ما قامت به المؤسسة العلاجية فى مصر متمثلة فى وزارة الصحة، والجيش الأبيض من الأطباء، وأطقم التمريض فى المستشفيات العامة والخاصة على حد سواء، ولعل تعاملهم بجدية وإخلاص فى مكافحة الفيروس، كان له عظيم الأثر فى تقليص عدد الإصابات والوفيات فى مصر، وزيادة أعداد المتعافين وخروجهم أصحاء لمزاولة اعمالهم بشكل طبيعى.
مازلنا فى حاجة أشد لمزيد من الإخلاص والشجاعة والإقدام من فرسان الجيش الأبيض، لمواجهة الموجة الثانية المحتملة، ونذكر كذلك بكل الفخر والاعتزاز، الذين فقدوا حياتهم من الأطباء والطبيبات والممرضين والممرضات بسبب انتقال العدوى إليهم، أثناء التعامل مع المصابين.
ولا بد من الانتباه إلى محاولات تشويه صورة الأطباء على السوشيال ميديا، والوقيعة بين الجيش الأبيض وعموم المصريين، بإعادة نشر الأخبار السيئة ضدهم، وتصويرهم على أنهم تجار أعضاء بشرية، ومجرمون وقتلة، ولا يعرفون الرحمة.
إن وجود شرذمة قليلة فاسدة أو غير سوية فى أى مجتمع من المجتمعات، لا يعنى التعميم وشيطنة كل أفراده، ومن يفعل ذلك فإن فى قلبه مرض أو مغرض صاحب مصلحة فى تأليب العامة على فئة لا يستغنى الوطن عن خدماتها، بل هو فى أشد الحاجة لمضاعفة جهودهم.
وندائى للجيش الأبيض فى هذا الوقت العصيب: تذكروا دائما شرف مهنتكم وعلو قدرها وسمو أهدافها، ولا تلتفتوا إلى المشككين فى نبل أخلاقكم وعظيم عملكم، وتذكروا دائما قول الله تعالى فى الآية ٣٢ من سورة المائدة: “.. وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا..”.
واعملوا أن من يتوفاه الله بسبب العدوى، فله أجر الشهيد، وما أدركم ما أجر الشهيد؟، وهذا ما استقرت عليه فتوى دار الإفتاء المصرية وعلماء الدين المعتبرين، فطوبى لكم وحسن مئاب، وهنيئا لكم بإحياء عشرات الآلاف من الأنفس التى أشرفت على الهلاك، سواء بكورونا أو بغيرها.
وأقول للمفسدين فى الأرض من الذين يحاولون زرع الفتنة بين المصريين، وإيقاع العداوة والبغضاء بينهم، بترويج الأكاذيب: موتوا بغيظكم، فلن تفلحوا أبدا بعد أن كشف الله ستركم، وفضح أمركم، ولم يعد لكم قبول بين عامة المصريين وخاصتهم.
وأخيرا أسأل الله أن يرفع عن مصر وأهلها البلاء والوباء والغلاء، وأن يتولاها بحفظه ورعايته، وأن يمن عليها بواسع رزقه، وأن يكشف عنها هذه الغمة التى يعجز العالم حتى الآن عن فهمها، أو القضاء علي