المصرى الجديد هو – ذاته – المسئول الأول عن التغيير بهدف الإرتقاء بمعتقده وفكره واحاسيسه وسلوكياته للأفضل , ولأن الخطوة الأولى فى المسير هى الأصعب وما يليها الأسهل , كان لزاما ان نحدد سويا , أى اللبنات أحق بأن تكون هى الأُولى والأولى , فكان بين أهم تلك اللبنات فى إعادة إعمار بنيان الرب هى ركيزة ” الحب ” الذى اليه ذهب المعلمون الأوائل من الفلاسفة القدامى – محبى الحكمة – إنما قبل ان نرسى قواعد البناء الجديد للمصرى الجديد علينا السؤال أولاً : لماذا يتحتم علينا إعادة البناء ؟ وتالى السؤال البديهى طبقا للتسلسل المنطقى للنهج العلمى فى التفكير , هو , وما العائد من عناء التغيير؟ أو لماذا نجهد انفسنا ولماذا لا نبقى على ما نحن عليه الآن ؟ هل يذعن العقل للمتوارث من القول ” اللى نعرفه احسن من اللى ما نعرفوش” , وبهذا يدخل العقل فى سباته , يغط , ويتجمد , ويفقد سبب وجوده , ويستريح الجسد من عناء الحركة لراحة السكون , وتموت الكائنات – طبقا لاقدارها فى البحيرة الراكدة – وينتظر كل منا آجله المؤقت بميقات نسلم جميعا لقدره, وندعى التدين , وندين بالتسليم , حتى نترك جهلا أو قصدا ” يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب” (الرعد) , وفى سفر الملوك قصة مرض حزقيا الذى تغيير ميعاد أجله إلى خمسة عشر عاما قادمة كما بشره أشعياء, وهنا معنى ودلالة , اما المعنى فواجب العمل والاجتهاد فى السعى فربما كان الإخلاص فى الجهد سببا فى تبديل الحال للأفضل , كما ان الدلالة فى الايمان بامكانية تغير الثابت الجامد .
ونعود للاجابة على سؤال لماذا نسعى لاعادة بناء انفسنا؟ وهنا يكمن سر التغيير , كما قال فلاسفة التغير والصيرورة منذ اليونان واسبرطة وحتى فلاسفة التنوير فى عصر النهضة باروبا , ومنهم من قال بان الحياة كالماء الجارى يعج بالحيوات – الحيوان جمع حياة – للكائنات جميعا , وعندما تتوقف الحركة بالمياة تكون اشبه بالبحيرة المتعفنة التى تنذر بموت جميع سكانها , فهكذا الحال للانسان ان لم يسعى لتغير ذاته للأفضل باستمرار فان حاله المتصلب الساكن يشى بنذر الموت والفناء, وكأن فى الحركة أسباب الوجود , ولما لا , وقال الرياضييون بان الصفر رقم لكنه لا يُشعر بوجوده الا عندما يضاف لغيره, هكذا هو الانسان الصفرى الذى لا يسعى للتجديد ولا يؤمن بالتطوير هو كالصفر الانطولوجى موجود انما بلا تأثير , وهو لا يضيف لوجوده قيمة الا عندما يضاف الى غيره , أى يتحول الانسان الى متواكل , ولبلابى , وعالة على الآخرين , يتسول الفتات من غيره ويتسكع على ابواب الجيران عله يحظى باسباب بقاءه فى محاوله لاستمرار وجوده الصفرى! , وهنا ندرك جميعا ان التغيير هو طوق النجاة من الفناء وتبدد الوجود, وعندما نتأكد من حتمية التغير لمواكبة طرائق الحضارة وارتيادها , ولان التغير يأتى من داخل الإنسان ذاته وليس من خارجه, لذا يقتضى الحال اعادة اعمار هذا البناء واعادة انعاش لبناته المشرفة على الرحيل, ونجد ان اهم تلك اللبنات هى ” الحب” الذى عليه يتركز البناء ليطاول عنان السماء ارتقاءً , ويمسك بجذور الأرض رسوخاً, وعلى الانسان ان يعيد تقيم ذاته ليرسم بيده ملامحه ليست الشكلية قط وانما الباطنة أيضا , ويعود كما كان اجداده الأصل واصحاب الفعل وليس الشبه والمفعول به!
وفى القادم ان شاء الله نبنى أركانا جديدة فى المصرى الجديد نكتشف معا أهمية البدء بلبنة الحب.