جيهان عبد الرحمن تكتب : صفحات تطوي

لم يتمالك الفنان القدير لطفي لبيب نفسه وظل لعدة دقائق يبكي علي خشبة المسرح أثناء حضوره عرض مسرحية علاء الدين, بعد استقبال الجمهور له بحفاوة بالغة, حيث كان الفنان الكبير أحد ضيوف المسرحية وبعد انتهاء العرض وجه الفنان أحمد عز تحية خاصه له ووصفه بالمعلم, وصانع النجوم, وصاحب الفضل, ودعا له بالصحة وطول العمر, وأصر علي الإمساك به والصعود معه إلي خشبة المسرح بسبب صعوبة الحركة التي يعاني منها بعد تعرضه لوعكة صحيه كبيره, وفور صعوده استقبله الجمهور بالتصفيق الحاد ووقف كل من في القاعة احتراما وتقديرا ولم يتمالك النجم القدير نفسه ونزلت دموعه قبل أن يتحدث بكلمة واحدة وقام أحمد عز بتقبيل يده ورأسه .
في الحقيقة أحمل مشاعر خاصة للفنان القدير لطفي لبيب ربما لأنه قدم لي يد العون في بداية عملي الصحفي وقت أن كلفني رئيس التحرير بعمل تحقيقات وحوارات مع نجوم الفن وعلاقتهم بمسارح الدولة, ولصعوبة تأخيري ليلا وما قد يشكله ذلك من أزمه في المنزل جاء الرجل مبكرا قبل عرضه المسرحي وكان علي مسرح السلام بشارع القصر العيني وقابلني بكل ترحاب بل وفتح لي محاور أخري للموضوع الصحفي وسهل لي مقابلة الفنانين جالا فهمي وطارق الدسوقي وعائشة الكيلاني أبطال العمل, وقدمني إلي لطفي الخولي مخرج المسرحية لتكتمل عناصر التحقيق كل ذلك لأنني قلت له أن هذا هو عملي الأول في مجال الفن وأخشي التأخير ليلا لما بعد العرض, فاحتواني كأني أبنته رغم أنها المرة الأولي التي أتعامل معه. ومن خلال هذا اللقاء خرجت بأربع حوارات دفعة واحدة منها حواري مع عائشة الكيلاني وكان عنوانه “الخالة عساكر علاقتها بأدوار الرجال “
كم كانت كلمات أحمد عز صادقه, فيما أسبغه علي الفنان الكبير من صفات. فهو فوق كل ما قدمه من فن أمتع به جمهوره هو أنسان بدرجة قدير, وفنان حتي النخاع, ربما لم يأخذ حقه من بطولات مطلقه ولم يحصل علي الأرقام الفلكية التي تسبقها الأصفار الستة التي يحصل عليها من هم أقل منه فنا وعمرا لكن رصيده من احترام وحب الناس له لا يقدر بثمن.
كلمة شكرا والاعتراف بالفضل والجميل كلمة قد تبدو بسيطة في ميزان الكلمات, لكنها تتحول إلي ترياق يحيي الروح, ويعيد شحن الطاقة الإيجابية, وكأنها السحر الذي يبدل حال عن حال. الكلمة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء كما وصفها الله في كتابه الكريم فما بالنا لو كانت تلك الكلمة حق وواجب وليست علي سبيل المجاملة.
عام 2020 غيب الموت عدد من كبار الفنانين ممن امتعونا بفن راق وادخلوا البهجة والبسمة وساهموا في تشكيل الذوق العام, اعتزال بعضهم, مثل الفنانة ماجدة الصباحي , والفنانة ناديه رفيق التي اشتهرت بدور الأم, والجميلة ناديه لطفي, والرائع إبراهيم نصر, والفنان إبراهيم فرح الذي ابدع في الخواجة عبد القادر مع العملاق يحي الفخراني وحلقنا معهما في حب الله مع المتصوفة والذاكرين , ثم القدير حسن حسني, ورجاء الجداوي وسمير الاسكندراني الذي شرفت بعمل حوار صحفي كبير معه. وأخيرا سيدتي الجميلة شويكار, صفحات تطوي لفنانين كبار شكلوا الوجدان وامتعونا وربما لم يحصل أكثرهم علي ما يستحق من تقدير وشكر في حياتهم.
لهذا أحسنت الدورة الـ36 لمهرجان الإسكندرية السينمائي حين اختارت اسم عزت العلايلي لتكريمه في المهرجان الذي سيقام في الفترة من 7إلي12 نوفمبر, وأتمني أن يحصل الفنان محمود ياسين علي قدر مماثل من التقدير, كم كانت كلمات الفنان القدير عبد الرحمن أبو زهرة موجعة, وهو يشكو التجاهل وعدم إسناد أية أدوار له رغم أنه مازال قادرا علي العمل.
شكرا لكل من علمنا وله فضل علينا ولو بفكرة أو نصيحة أو معلومة, ومن وقاموا علي تربيتنا, أباءنا, وأمهاتنا ,وأخواتنا, وأساتذتنا, أثق أن الفنان القدير لطفي لبيب لا يتذكرني, وربما لم يخطر بباله أنه قدم لي العون في يوم ما. لكنه يستحق مني الشكر.
قولوا شكرا قبل أن تطوي صفحاتنا, فما أبدع كلمات جبران خليل جبران حين قال … إنما الناس سطور كتبت لكن بماء. .. ما ابدعها من كلمات.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.