جيهان عبد الرحمن تكتب : احذروا كسرة المعلم !

حملات مداهمة مراكز الدروس الخصوصية المصورة فيديو أو علي الهواء والتي تتناقلها بكثافة وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرا, منها سيارات البوليس بنفيرها المعتاد يعلوها رجال المباحث, يدخلون الشارع ويصعدون سلم البناية, يقول أحدهم بصوت جهوري فين المدرس اللي هنا ويقول أخر للفتيات لا تخافوا, وكأنه مشهد سينمائي في أحد أفلام “الاكشن” حال القبض علي تشكيل عصابي أداب أو مخدرات أو خلية إرهابية, لم يكن هذا هو الحدث الأول ولن يكون الأخيرة علي ما فيه من إسقاط ومهانة لجميع أطرافه, يدفع المجتمع كله ثمنها عاجلا و أجلا.
اذكر أول المداهمات كانت في عهد الدكتور حسين كامل بهاء وقد انفردت بها أخبار اليوم ونقلتها نشرة أخبار السادسة والتاسعة مساء كحدث فريد من نوعه وقت أن كان التليفزيون ثلاث قنوات فقط لينفجر بعدها بركان غضب المعلمين بعد القبض علي بعضهم وشعورهم بالمهانة, وكانت تقديرات الوزير وقتها أن ما تنفقه الأسر علي الدروس الخصوصية نحو 6 مليار جنيه سنويا ووضع بهاء الدين بعدها القانون 592 لعام 1998 الذي يحظر إعطاء دروس خصوصيه ويسأل تأديبيا كل من يخالف ذلك. ومع ذلك أستمرت الظاهرة واستمرت المداهمات تطفو وتخبو مع كل وزير جديد حتي بلغت ذروتها في عهد د. أحمد زكي بدر حين قرر وقف منح تراخيص مراكز الدروس لمدة عامين وبدت المواجهات وكأنها حربا بين الوزارة والمعلمين مع استمرار تراجع مكانة التعليم وتدهور أحوال المعلمين فيما عدا أباطرة الدروس الخصوصية وهؤلاء نفر قليل قياسا بمجموع المعلمين.
اللقاء الأول مع الرئيس عبد الفتاح السيسي كان في عيد العلم 2013في عهد الوزير د. محمود أبو النصر وقتها أبدي الرئيس تفهما شديدا لحال المعلمين ووجد لهم العذر في إعطاء دروس خصوصيه لتحسين ظروفهم المعيشية وتأثر لكون أحدهم يذهب إلي المدرسة “بشبشب”
في رسالة موجهة من إحدى المعلمات للرئيس بعد تجاهل الوزير د. طارق شوقي وزير التربية والتعليم لمطالب المعلمين أو حتي إظهار الاحترام والتعاطف معهم خاصة بعد تجميد أساسي رواتبهم عند 2014 , أكدت أنها تعيين 1998 وراتبها 2300 جنيه فقط بلا زيادة مع هذا الغلاء الفاحش, أعربت عن شعورها بالحقد لفئات المجتمع الأخرى التي تحركت رواتبهم مثل العاملين في الكهرباء والبترول والقضاء والجيش والشرطة, قالت كلنا يخدم الوطن كل في مجاله, والجميع يتأثر بارتفاع الأسعار, فكيف للمعلم أن يتحملها وحده وبلا دروس خصوصيه خاصة مع ارتفاع وتيرة المداهمات , طالبت بخبير اقتصادي يقول لها كيف نحيا بهذا الراتب الضئيل وتسدد فواتير الكهرباء والغاز والمياه والمواصلات ناهيكم عن متطلبات الحياة من مأكل ومشرب وعلاج, أشارت إلي عدد غير قليل من المشاكل التي يجب وأن يستمع لها جيدا أهمها الشعور بالمرارة والإحباط والحقد علي سائر فئات المجتمع وهذا هو الخطر الحقيقي من وجهة نظري فكيف نتحدث عن سلام اجتماعي, ومعلم يقوم برسالته كي تنهض أمه وهو يشعر بالغبن, بأي حال سيعلم أبنائنا وماذا سيقول لهم أذا فرضنا أصلا أنه سيدخل الفصل وسيقوم بأداء دوره الذي قال عنه أمير الشعراء أحمد بك شوقي كاد المعلم أن يكون رسولا.
معلمين بلادي لهم كل التقدير والاحترام هم من حملوا مشاعل التنوير في العالم العربي من أقصاه إلي أقصاه يستحقون حياة كريمة تليق بهم وبنا, وان كان المبدأ في علم الإدارة أعطني قائدا وخذ ما شئت, ففي حياة الأمم أعطني معلما جيدا وخذ ما شئت تنوير وفكر وثقافة وتقدم وذوق عام وسلوكيات حضارية. المعلم الجيد هو عصب العملية التعليمية وصمام أمانها. استمعوا له ووفروا له ما يستحق من احترام وتقدير بالقول والفعل, اعيدو النظر في نظام الترقيات والأموال التي تذهب لصالح الأكاديمية المهنية للمعلمين نظير اختبارات صوريه حلولها متاحة عبر الأنترنت وكأنها باب خلفي للغش, وإثراء للغير علي حساب المعلمين. أبحثوا في وضع نقابة المعلمين وحاسبوا القائمين عليها أن ضاعت حقوق المعلمين بها, حركوا المياه الراكدة والقوا فيها حجر لصالح المعلم لا فوق رأسه. القلب المغبون يتحول إلي طاقة نور وأمل إذا شعر بالاهتمام ورفع عنه أسباب الظلم, وأتصور أن الدولة لن تترك هذا الحال علي ما هو عليه بل ستتدخل قريبا لان المعلم هو روح الوطن فلا تكسروه.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.