محمد حسنين الساعاتي يكتب : طبيب الغلابة .. حدوتة مصرية جميلة

أصدقكم القول.. حينما علمت بخبر انتقال الدكتور محمد مشالى الملقب إعلاميا بطبيب الغلابة، ظللت مترددا فى الكتابة عنه تخوفا من أن يكون الخبر كاذبا، فقد اعتدنا على ذلك منذ اتسعت رقعة التواصل الاجتماعى عبر الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) وأصبح الفيس بوك متاحا أمام الجميع، أو كما
يقولون: (لكل من هب ودب) دفعنى لهذا التخوف ما عايشته على أرض الواقع أثناء حياة نقيب القراء السابق رحمه الله، ولعلكم تتذكرون معى ما حدث مع فضيلة القارئ الراحل الشيخ محمد محمود الطبلاوى الذى مات فيسبوكيا أكثر من مائة مرة، وكثيرا ما كنا نصل الليل بالنهار من أجل أن ننفى الخبر الكاذب عنه، وحين رحل الشيخ الطبلاوى بالفعل لم يسلم من الشائعات أيضا، فعقب قيامى بنشر خبر وفاته عبر جميع وسائل الإعلام بوصفى المتحدث الرسمى لنقابة محفظى وقراء القرآن الكريم العامة بمصر، فوجئت بقناة أوربت وقناة دبى وروسيا اليوم وغالبية المواقع والصحف يسارعون بالاتصال علىً لأرد على تلك الشائعة المغرضة والتى مفادها أن الشيخ الطبلاوى مات بالكورونا، وهنا قلت للإعلامى جمال عنايت: ياسيدى الكورونا ليست عيبا،
ولكن العيب فى هؤلاء الذين يحاولون إثارة الرأى العام ويشغلونه بأى شئ، حسبى الله ونعم الوكيل فيهم..
وحين تأكدت من رحيل الطبيب الإنسان د.محمد مشالى(طبيب الغلابة)، رأيت من واجبى أن أقول شيئا لله فى رجل اقترن اسمه بالعطاء الإنساني على مدى سنوات عمره، هذا الطبيب الذى باع دنياه من أجل أخرته، فقد ظل لأكثر من 35 عاما كما يحكى شقيقه وصاحب العقار الذى توجد فيه عيادته بطنطا: ظل الفقيد رحمه الله يقوم بتوقيع الكشف بالمجان على غير القادرين من الفقراء والمساكين وأصحاب الحاجات، بالإضافة إلى قيامه بإعطائهم الدواء من عيادته مجانا أيضا،
وفى المقابل كان يتقاضى خمسة جنيهات فقط نظير توقيع الكشف على القادرين. وهو المبلغ الذي ظل يتقاضاه حتى رحيله، مما أحرج بعض الأطباء الذين يتقاضون مبالغ فلكية من المرضي المنهكين والمهلكين، واضطروا(أي الأطباء الجشعين) إلى أن يهاجمونه بضراوة. ويطالبونه بأن يقوم برفع ثمن الكشف، لأنه قد فضحهم أمام الرأى العام. فقام بالرد المفعم عليهم قائلا: لم ولن أقم برفع أجرة الكشف عن خمسة جنيهات حتى ألقى ربي عز وجل. وذلك تنفيذا لوصية أبي عليه رحمة الله عليه. وقد ردد البعض أنها كانت تصل إلى عشرة جنيهات أحيانا..
لقد رحل الطبيب الإنسان وصعدت روحه الطاهرة، وكأنى بها وهى ترفرع فى عنان السماء وتسبح فى الهواء الطلق وأراها ستهبط فى جنة الخلد والنعيم الدائم الذى أعده الله تعالى لمن تاجروا مع الله فربحوا وفازوا، وكأنى أراه الآن وملائكة الرحمن تستقبله بلهفة وشوق وفرح وسرور وهى تقول: مرحبا بمن كان باحثا عن طريق النجاة والرحمة والرأفة والبساطة بإسعاد أصحاب الحاجات من الفقراء والبسطاء والأيتام والأرامل، مرحبا بمن كان قانعا بنعمة الرضا طوال حياته.
تليفاكس :
وبعد سردى لهذا الكلام أرانى مدفوعا بحب لأن أدعو المحبين أن يترحموا على هذا الأنموذج القدوة، وياليت هؤلاء الأطباء يحزون حزوه، فقد فاز طبيب الغلابة برضا الرب الكريم، كما فاز بدعوات كل البشر، ونعته مصر بأكملها حكومة وشعبا -مؤسسات وهيئات والمؤسسة الدينية فضيلة الإمام الأكبر دأحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف والدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف والدكتور شوقي علام وسماحة الشريف السيد محمود الشريف نقيب الأشراف وكيل مجلس النواب. بل ونعاه العديد من خارج مصر كحاكم الشارقة والفاتكان وغيرهما..
كما أبعث بنصيحتى إلى الأطباء المغاليين، أصحاب الأرقام الفلكية فى كشفهم على المرضى برسالتى: اتقوا الله، -الكفن مالوش جيوب- .
رحم الله الدكتور محمد مشالي (طبيب الغلابة) بقدر ما قدم لخدمة البشرية والإنسانية رحمة واسعة اللهم آمين.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.