قالوا : ” مصر حفنة من تراب عفن” , وتناسوا أن أديمها من الأباء ومن قبلهم الأجداد , ونادوا : ” ما يمنع أن يكون الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر من مشارق الأرض أو مغاربها ” , وتغافلوا ان الزعامة الروحية الحقيقية لمسلمى الأرض “مصرية” , وراحوا إلى ما هو أبعد من ذلك , فجمعوا المشوهين نفسيا واخلاقيا والمدعين التدين , وهم متأسلمون , وشراذم الخلائق ليكوّنوا ويعدوا جيشا يحمى مصر , ولم ستطيعوا إخفاء شمس جيشها , تلك الشمس التى اشرقت مع بدايات تاريخ الإنسانية.
وكانت الأولى : لقتل الإنتماء والولاء فى نفوس القادم من الأجيال المؤدلجة , وفى سياق أكاذيبهم التى تعلن جهرا وتتسلل فى الخفاء من أجل مسخ مبادىء المواطنة وهدم قيم العدل فى أحقية الآخر فى هذه البلد.
وأما الثانية : فهدفها المباشر اسكات أهم عناصر القوة الناعمة لمصر وهى زعامة الأزهرالسمح الوسطى لمسلمى العالم شرقا وغربا , واحلال محله الذى هو أدنى وهو : “دعاوى الإرهاب” و “تكفير الآخر” و”جمود الفكر” و “رجعية السلوك” و “الحكم بظل الله فى الأرض” و ” تقديس الأمير” و” هوان الروح للمستخدمين” و”صكوك الغفران لمن ينتحر ويقتل الآخر” و”تسلط وتنطع قلة ” و”تمتع زمرة الفاعلين بمزايا وعطايا الدنيا” و”حرمان الغالبية إلا من دعاوى الجنان فى الآخرة” و ” ثراء النخبة من وراء جهل العوام” و..
وكانت الثالثة : تجميع المطرودين من حضارة مجتمعاتهم , ولمّ شتات من يعانون من أمراضاً نفسية , واضطرابات عقلية , وتقزيم , واغتراب , وتهميش , وممن يحملون احقادا تجاه الآخرين جميعهم, وغيرهم من فلول الصناعات الغربية لمواجهة الكتلة الشرقية مع بدايات الثمانينات , والمتبقية من انتهاء الحرب الباردة بسقوط الإتحاد السوفيتى على يد البرسترويكا فى مطلع التسعينيات , ومن لم تعد لهم فائدة بعد انهيار حلف وارسوا ( 1955 – 1991) وكان مقره موسكو, ومن منطلق خلق اعداء لترويج أهم مصدرين لتضخم الإقتصاد الغربى وهما : صناعة السلاح واستثمار دراما هوليود, بهدف استمرار السيطرة الأحادية على العالم, وبخلق ما يسمى بالإسلام السياسى, واستعادة ورقة لعب قديمة منذ مارس 1928 بالسماعيلية , عندما مدت بريطانيا الاستعمارية يد العون لاستعمار بديل يبحث عن وطن منذ المؤتمر الأول 29 اغسطس 1897بازل بسويسرا, فكانت بدايات فكرة الحرب بالوكالة من خلال زرع سرطانات فى نخاع الشرق القريب المسيطر باهم اسلحة القوة الناعمة وهى الدين السمح المعتدل , وبدأت تتسلل كدعوة نخبوية تتجمع فى الخفاء الوطن , تلعن الاحتلال فى العلن وتكفر به نهارا , وتسبح بحده فى الخفاء وترتمى كالغانية على اعتابه فى المساء, تلك الحركة التى اقنعت المحيطين بها بكونها دعوة دينية فى مجتمع يقدس الأديان ويقبل جميع الآخرين كما كانت مصر تجمع المسلمين والمسيحين وغريهما وكل ٍ بجميع طوائفهم , حتى سرد المنصفين من المؤرخين باروسلاف تشرنى :” ان المصريين كانوا يوقرون عبادات الآخرين” فى كتاب الديانة فى مصر القديمة ,
وإذا بمرشد هؤلاء ” البنا” فى ايام كهذه التى بيننا فى موسم حج 1936 يقترب على رأس مائة من جماعته لم يكونوا مدعوون الى مجلس الملك بمكة المكرمة التى اعتادت تكريم علماء المسلمين فى حضرة ملك السعودية وطلب البنا من الملك ان يفتتح مقرا وفرعا للاخوان المسلمين بالسعودية وكان الرد الزكى الدبلوماسى من الملك :” كلنا اخوان مسلموين” وكان رفضا باتا لانشاء فرع للجماعة بالسعودية , واقترب ” البنا” ينادى “الملك عبد العزيز” بخليفة المسلمين فيشير هو بدوره الى حاكم مصر ويقول :” بل هذا هو خليفة المسلمين” , وهنا يعدل ” البنا” عن رأيه فى الخروج بالدعوة عن مصر الى السعودية , ويعود الى مصر يستجدى عطف حاكمها , كما اشار مؤرخ الجماعة محمود عبد الحليم, فيهرع المنافقون الى تقبيل يد حاكم مصر , وقتها , اتقاء عذابه , ثم يعود التلمسانى لمهاجمة الملك خالد , وما اشبه االليلة بالبارحة , فهم من قالوا – قريبا منذ عشر سنوات فقط – بحرمانية وكراهية الخروج على الحاكم , وانتظروا كعادتهم , إلى اى فئة سترجح كفتها , وسيتجهون فورا يقدمون قرابين الولاء والطاعة لها, واذا بهم يكونون ثوريين أكثر من الثوار , ويحشدون الى مليونيات الجمعات التى اعلنت اقاويل حق اريد بها باطل , كجمعة الحرائر 23 ديسمبر 2011, وتجمعات هدم وزارة الداخلية 19 نوفمبر 2011, وحصار المجكمة الدستورية فى 2 ديسمبر 2012 , واخرى لحصار مدينة الانتاج الاعلامى 25 مارس 2013 , والتمادى لتحقيق الهدف العالمى : وهو جمعة حصار وزارة الدفاع 2- 4 مايو 2012 , واظهارها بدور القاتل لابناء الوطن أصحاب الدعاوى الدينية والمطالب الثائرة المقبولة لدى الغرب الحاقد والمنظم والمؤلف والمنتج لكل هذه المسرحية بل والمروج لها على ألسن زعمائه كمن قال :” ان المصريين يعلمون العالم كيف يثورون لتحقيق مطالبهم ” التى عزف عنها العقل الجمعى المصرى ورفضها الوجدان العام, وكان هؤلاء الزعماء هم انفسهم بعد سنتين فقط من انكر على المصريين ثورتهم , لتصحيح مسار الدولة المصرية , وفقط لانها – تلك الثورة – لم تكن من صناعتهم ! وهم أيضا من قالوا بالإنجليزية :” لا ديمقراطية أمام الحفاظ على هيبة المملكة وبقائها” , ومنهم من أصدر امرا بالفرنسية لهجوم خيالة الشرطة وضرب كبار السن المطالبون بحقوق فئوية تماما كالتى ايدوها فى مصرنا فى وقت كان يتفق مع نواياهم على هدم الوطن.
ونعود للنخبة المنبطحة العميلة المنافقة المنتفعة , وللفلول المتبقية والمجاميع المتأسلمة والمؤدلجة التى لم يعد هناك طائل من الانفاق عليها بعد انهيار خمسة عشر جمهورية بين عشية وضحاها , وتوجهت بإخراج ودعايات هوليود إلى اسماء اخرى غير المعتاد – القاعدة سابقا – وكأنها افيشات افلام الأكشن والعنف الأكثر إدرارا للمال فى المجتمعات المشوهة اجتماعيا !, وأصبحت أسماء ” دولة العراق والشام الاسلامية ” أو الاختصار الدعائى العالمى ” داعش ” , وتحتل أرض الهلال الخصيب التى من القديم البعيد كانت ارضا لمعارك الفرس والروم عندما كانوا يستخدمون ملوك المناذرة والغساسنة العملاء كأدوات قتل وهدم لأراضيهما وشعبيهما لصالح الفرس والروم !, إلى ان تكون الآن ميدان لصراعات الغرب والشرق لبسط الزعامة على العالم العربى والهدف الأكبر ” الجائزة الكبرى” أو “مصر”, وتتألف اسماء أخرى , وكان فى 8 يوليو 2014 ان نظمت ميليشية عرضا عسكريا من عشر سيارات ربع نقل تجوب الشيخ زويد وهى جماعة مسلحة اطلقت على نفسها ” انصار بيت المقدس ويبايعون دولة الخلافة “داعش” – اليد العسكرية للاستعمار الحديث الذى يؤمن بمبدأ “الحرب بالوكالة” , وتعلن هذه الميليشية المسلحة ولائها لابى بكر البغدادى أمير داعش, الذى ثبت فيما بعد انه ليس بمسلم وليس بعربى ! وتحولت انصار بيت المقدس إلى ” ولاية سيناء” , ويظهر تنظيما مسلحا آخر وهو ” أجناد مصر” فى 2013 فى مواقع غير سيناء وخاصة بالقاهرة الكبرى لتحقيق الهدف الاستراتيجى العالمى وهو تشتيت القوة الصلبة العسكرية والشرطية واستنزاف قدراتيهما , وعلى يد كومبرس يدعى “مجد الدين المصرى” , اسما حركيا تماما كما تطلق هوليود اسماء دعائية لنجومها لتخدع المراهقين من محبى الأكشن والآثارة , وتأتى جماعة أخرى تعلن عن نفسها بكنية ” جند الاسلام” وهى تابعة لنفيضين وهما “القاعدة” السنية وفى ذات الوقت تعلن انتمائها لـ ” حزب الله ” الشيعى المذهب ! وهذه الميلشية أو الجماعة المسلحة يقودها “ابو المعتصم” وهى تنتمى للسلفية الجهادية الفلسطينية , وتلى تلك الجماعة المسلحة جماعة يطلق عليها ” جيش الاسلام” وتفرع منها 15 جماعة مسلحة مقرها قطاع غزة وزعيمها كنايته “محمد درمش” ومهمتها التدريب وتوريد السلاح للهجوم على الجيش والشرطة فى مصر .
وفى القادم ان شاء الله نستكمل بقية الميليشيات المسلحة التى كانت اسلافها موجهة لوارسوا والاتحاد السوفيتى – آنفا – والآن تم توجيهها لتحقيق ما يسمى بحروب الجيل الخامس , ونستعرض تصدى العقل الجمعى المصرى وادراكه لوهن عقيدة هؤلاء المتأسلمون المدعون , ويواجه المصريون فى القادم ان شاء الله عصابات الظلام وميليشياتها المسلحة , آخر اليات الاخر فى تشتيت قوى الدولة الناعمة والصلبة , وسعيا لأن تأتى ثقافة المسئولية بعبور جديد وانتصار نحن قادرون على تحقيقه.