هناك سرا مهما من أسرار السعادة يكمن فى التأقلم مع تحديات الحياة وأحزانها، والتعامل بمرونه مع متغيراتها التى لا تنتهى ، والعمل اليومى على تعزيز الإحساس بالرضا والامتنان ، وتقوية الكيان الداخلى لذوى النفوس الطيبة الحساسة حتى يغدوا أقوياء من الداخل لتحمل صدمات الحياة .
ويجب قراءة الحياة بطريقة أخرى أكثر حيوية لإكتشاف بعض خفايا السعادة ، والتعرف على ما يؤدى بنا إلى زيادة ساعات البهجة ،وتمديد لحظات السرور مما يبدد اليأس ويزرع الأمل فى النفوس.
ولكى نعيش حياة طيبة وسعيدة يجب علينا التمسك بالقيم والأخلاق السامية ،فعندما نعيد الثقة والطمأنينة لنفس إنسان خرج من معركة حياته مهزوما ،مرتابا ،لا يثق بنفسه وبالآخرين ،أو عندما نسعى لإغاثة ملهوف سلبت منه نعمة الأمان ، وضاعت منه فى غياهب العنف لذة العيش والإستقرار وفقد الأحبة ،وقطعت أوصاله دونما ذنب إقترفته يداه ، بلا شك سنجد فى ذلك سعادة لأنفسنا .
ومن يكون دأبه العطاء حينما يعطى بلا من ،ولا يشعر الآخرين بذل الحاجه، نجده دائما راضيا وسعيدا .
وما أجمل السعادة حينما تكون فى الإمتنان، ولو حتى إلى الأشياء الصغيرة ، لأن ذلك هو ما سوف يجلب البهجة إلى قلوبنا ويجعلنا نحب الناس والحياة ، فإذا رضينا عن كل شئ فى حياتنا فإن الله سيمنحنا جوهرة الإمتنان، وهى حالة من السكون والسلام الصافى الذى يغمر القلب بالرضا فيفيض على محيانا بالجلال والنور.
والرضا العميق على كل يوم يمر علينا ،وما نلاقيه من صعاب، وتقبل تضاريس أجسامنا مهما كان شكلها ، وقبول الناس على إختلافهم، وقبول الماضى رغم آلامه ، والحاضر رغم عثراته، والتعهد التام بالرضا عن كل ما تهبه لنا الحياة فى أيامنا القادمة، والإستسلام الكامل لكل أمر لا نقدر على تغييره، وتقبل كل حالاتنا وما نملكه، وتقبل نقائصنا ومشاكلنا ، والإعتراف بذلك بكل صدق مع أنفسنا ، ثم السعى بهمة وثبات وبكل لطف وبلا ضغط أو تكلف لتحسين الحال نحو الأفضل ، وذلك هو جو العيش بإمتنان ، وهو غاية الحكماء فى عيش حياة طيبة.
ودائما كن ممتنا بما تهبه لك الحياة ، ودع السكون يغمرك ، والراحة تملأ روحك، فوجودك فى الحياة هو هديتك العظيمة ، وعندما تعيش وأنت ممتن لما يجرى من حولك سيسرى فى داخلك تيار غامر من الفرح والبهجة وتنعم بسلام فريد .
فالسعداء لا يملكون أفضل الأشياء فى الحياة، بل هم ممتنون بما تجود به الحياة عليهم ، وما يجدونه فى طريقهم، ويتقبلون كل ذلك بالرضا كهبة من الله تستحق الشكر.