جلال حمام يكتب : الغنوشي ( 6 ) عراب الغزو التركي لليبيا
كانت أولى كلمات راشد الغنوشي في مطار تونس، عندما عاد إليها عقب الثورة التونسية عام 2011، الدعوة إلى الاقتداء بنموذج حزب العدالة والتنمية التركي في الحكم، على أساس أنه وفّق بين الإسلام والعلمانية والاقتصاد!، دون أن ينظر إلى كيفية تحول هذا الحزب إلى حزب شمولي حاكم، يقوده سلطان مُستبد، حوّل بلاده إلى أكبر سجن لكل من ينتقده، بشهادة معظم المنظمات الدولية المعنية بالحريات والحقوق.. ولم يُدرك الغنوشي أن أردوغان، وهو ينظر إلى إفريقيا، ويفكر جلياً في كيفية الوصول إليها والسيطرة عليها، قد وضع حكومة السراج والميليشيات التابعة لها في طرابلس الليبية نقطة ارتكار لتحقيق حلمه، ورأى في الحليف القطري ممولاً فوق العادة لمد مشروعه بالحياة، وفي الإسلام السياسي أداة مهمة لتحقيق ذلك.. ويلتقي اللصان في منتصف الطريق، فإن ما يريده أردوغان بالضبط، هو أن الغنوشي، بالنسبة له، خير أداة لنشر الفوضى في بلاده، وإنجاح مشروع الخليفة العثماني في إفريقيا، بينما لا يجد الغنوشي خارج السير في ركاب هذا الطاغية، أي أُفق لمشروعه ومستقبله في تونس.. وهنا علينا تذكر أن العلاقة بين أردوغان والغنوشي ليست وليدة اليوم أو وليدة الارتجال السياسي، وإنما هي علاقة تراكمية وتفاعليه بين المركز والأطراف، وبشكل أدق (الأدوات).. فإسطنبول التي تحولت إلى مركز للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، باتت بمثابة محطة وقود لتعبئة جماعات الإخوان في العالم العربي، إذ أن هذه الجماعات كلما انكسرت أو تلقت هزيمة في بلدانها، لا تجد سوى إسطنبول مرتعاً لترميم نفسها والإعداد لتجديد هجومها على دولتها الوطنية، تحت شعارات أخلاقية ودينية، في وقت يعرف الجميع أنها ليست سوى شعارات سياسية هدفها الوصول إلى السلطة والحكم.