إبراهيم نصر يكتب : سد إثيوبيا .. وصبر السيسى

لم يهدأ الحديث فى الشارع المصرى عن سد إثيوبيا المسمى “سد النهضة”، منذ تولى الراحل محمد مرسى مندوب الإخوان فى قصر الرئاسة حكم مصر، وخاصة بعد الاجتماع “الفضيحة” الذى عقده لمناقشة كيف ستتعامل مصر مع هذه الأزمة، وتم بث هذا الاجتماع على الهواء بطريق الخطأ، والمفترض أنه اجتماع سرى مغلق على الحضور من بعض قيادات الإخوان برئاسة “مرسى” وبعض رموز العمل السياسى آنذاك.
وبعد الإطاحة بحكم الإخوان فى ٣ يوليو ٢٠١٣، ظل شعب مصر ومازال يترقب كيف ستتعامل القيادة الجديدة لمصر مع قضية هذا السد، الذى يمثل تهديدا مباشرا لحياة المصريين، وكنت قد كتبت مقالا فى شهر فبراير عام ٢٠١٦، أعربت فيه عن عدم دهشتى حين تجاهل الرئيس عبد الفتاح السيسى الرد على عضو مجلس النواب الذى قاطعه أثناء إلقاء خطابه التاريخى تحت قبة البرلمان بسؤاله عن سد النهضة، واكتفى الرئيس بالنظر إلى النائب وأكمل خطابه دون تعليق.
هذا المشهد الذى تداوله البعض على شبكات التواصل الاجتماعى آنذاك باعتبار أن عضو مجلس النواب أحرج الرئيس السيسى بهذا السؤال، جعلنى أعود بالذاكرة إلى مقال آخر كتبته فى أوائل شهر فبراير من العام ٢٠١٤ بعنوان: “سد النهضة .. حماس .. قناة الجزيرة” أوضحت فيه أن هذه الملفات الثلاثة هى الأكثر أهمية وينبغى أن تكون على رأس البرنامج الانتخابى لأى مرشح لرئاسة جمهورية مصر العربية.
وقلت فيما قلت: لا أظن أن هذه الملفات ليست فقط على رأس أولويات المشير عبد الفتاح السيسى بل هى فى رأسه، ويعلم كيف سيتعامل معها ربما تباعاً بنفس هذا الترتيب أو سيتعامل معها جميعاً على خطوط متوازية سواء شاء الله له أن يتربع على سدة حكم مصر أو ظل فى موقعة وزيراً للدفاع.
وقلت فى مقال فبراير ٢٠١٦: أما وقد شاء الله فعلاً أن يؤتى المشير السيسى حكم مصر، وخلال أقل من عامين أنجز على الصعيدين المحلى والعالمى ما لا ينكره إلا جاحد أو كاره أو هو بالفعل أعمى البصر والبصيرة.. إلا أن سد إثيوبيا تحديداً مازال يمثل تحدياً أكبر وأصعب من إنجاز قناة السويس الجديدة فى عام، خاصة بعد فشل المفاوضات التى طال أمدها وهى تسير منذ بدايتها فى الطريق الخطأ، وصارت الحلول الدبلوماسية تسير وفق هوى أثيوبيا التلميذ النجيب فى مدرسة التفاوض الإسرائيلي، ورغم كل الأجواء المحبطة وتعالى الأصوات المطالبة بخروج القيادة السياسية عن صمتها حيال قضية سد النهضة .. مازلت أثق فى قدرة مصر بقيادة الرئيس السيسى على حل هذه القضية، وكما أنه لا يقبل أن يفرط فى حبة رمل من أرض مصر، فإنه لن يفرط فى قطرة واحدة من حصتنا فى مياه النيل المقررة بنصوص اتفاقيات محترمة ومعتبرة عبر التاريخ بين مصر والسودان وإثيوبيا، ويكفينى فى هذا المقام ويطمئننى شخصياً إشارتان قالهما الرئيس السيسى بهدوئه المعهود فى خطابين متفرقين .. الإشارة الأولى قوله: “المياه قضية حياة أو موت” والإشارة الثانية قوله: “احنا بنصبر كتير قوى” وأعتقد أن صبره بشأن سد النهضة أوشك على النفاد، وأرجو ألا يكون التحرك لحل هذه الأزمة بعد فوات الأوان.
وها هو الرئيس السيسي في كلمة له عقب تفقده المنطقة العسكرية الغربية بمرسى مطروح، يوم السبت الماضى يقول موجها حديثه للشعب الإثيوبيى: “أنا تحدثت معكم في البرلمان منذ خمس سنوات وقلت نحن نقدر التنمية في إثيوبيا وأيضا يجب أن تقدروا الحياة في مصر، ووضعنا أساس” لا ضرر ولا ضرار” لبعضنا البعض، أرجو أن تصل هذه الرسالة لكل الشعب الإثيوبي ولقيادته”، وفى رسالة طمأنة للداخل قبل أن تكون رسالة تحذير للخارج، قال الرئيس: “يخطئ من يظن أن حلمنا ضعف، ويخطئ من يظن أن صبرنا تردد”.
أنا شخصيا مطمئن، وأثق فى قدرة مصر، وفى حكمة قيادتها السياسية، التى نفد صبرها بالفعل حيال التعنت الإثيوبى.
Ibrahim.nssr@gmail.com
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.