جيهان عبد الرحمن تكتب :لحظات فارقه

صوته وهو في مدخل العمارة يعنف البواب بكلمات قاسية لأن نظافتها لا تروق له ينبئ بشخص ذا شأن لا يقبل بغير النظافة بديلا كان صوته جهوريا به عجرفة وتعال شديد, صوته يسبق خطوات آسر ياسين بطل مسلسل بـ 100 وش وهو في طريقه للخروج من العمارة بحثا عن صيد جديد لابتزازه حيث يقوم بدور النصاب في المسلسل الرمضاني الطريف, لكن وهو يتبادل السلام والتحية مع ذلك الرجل تمر فتاة شابة صغيرة من أبناء سكان العمارة وتلقي عليه التحية قائله أهلا عمو فيلتقط النصاب نظرة شرهة غير نظيفة تتوجه كالسهام للفتاة من عين ذلك المولع بالنظافة فيكتشف النصاب علي الفور أي صنف من الرجال يقف أمامه وفي الليل سرعان ما يقع الرجل في حبائل النصاب عن طريق الفيس بوك ويقنعه بالتصوير عاريا ثم يهدده بما صوره ويحصل علي ما يريد من أموال .
مشهد عابر لا يستغرق لحظات ولكنه يكشف كم الزيف والتناقض الذي يقع فيه البعض من الذين يحسبون أن ملابسهم وسياراتهم وما يحيطون به أنفسهم من وسائل رغد العيش كافيه لستر حقيقتهم ولا يعلمون ان نظرة عابرة ربما تكفي لفضح عورتهم فما بالكم بكارثة أو وباء تري ماذا يكشف لنا مما تخفي أنفسنا ؟
في 12 أكتوبر1992 وقع الزلزال الشهير في الساعة الثالثة عصرا وكان صديق لنا إعتاد النوم في ذلك التوقيت وحين أستيقظ فجأة علي أصوات الفزع والرعب التي انتابت الجميع, وهو يجهل ما حدث بغير تفكير توجه إلي بلكونة حجرته يستطلع الأمر فوجد زوجته رفيقة دربه تقف مع باقي سكان العمارة في الشارع مذعورة تحتضن علبة الذهب خاصتها, هرولت للنجاة بذهبها ونفسها ولم تفكر في إيقاظ شريك العمر وتركته وحيدا نائما لولا ستر الله. ذهب الزلزال وبقيت اللحظة الكاشفة وكان الطلاق هو الحل الوحيد.
في جائحة فيروس كورونا في كل بلدان العالم كانت هناك لحظات كاشفة كثيرة مؤلمة منها ما كشف حجم الزيف وضعف النفس وربما خستها. ومنها قصص للحب والوفاء والجدعنة والأصل الطيب, تابعنا قصص أبناء رفضوا استلام أجساد أباءهم وأمهاتهم ممن قضوا نحبهم في المستشفيات العامة وأماكن الحجر الصحي لإكرامهم بالصلاة عليهم وإيصالهم لمثواهم الأخير, ربما كان ثمة قصور إعلامي كبير تأخر كثيرا في توعية الناس بكيفية التعامل مع مريض الكورونا والمتوفي منهم وشغلنا بالأعداد وهل هي حقيقية أو افتراضيه كما تفضل مؤخرا الدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالي والبحث العلمي وهو يعلم جيدا أن الوباء انتشر انتشارا مريعا ليته كان قدم لنا جهود البحث العلمي والمراكز البحثية للوصول إلي علاج أو مصل قريب أو الجهود التي تبذلها الوزارة بالتعاون مع مراكز الأبحاث العالمية ونحن نعلم أن هناك عشرات الألاف من اتفاقات التعاون والتوأمة حضرنا بعضها ونحن نتابع ملف التعليم العالي والبحث العلمي ونشرنا أخبارها في كل وسائل الإعلام وقد أن الأوان لنتابع نتائجها فإن لم تفيدنا الأن تلك الاتفاقات وخاصة في ذلك الملف فمتي تفيدنا؟
حين قال الله العلي القدير في محكم آياته في سورة الشمس… وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8)كان يصف حالنا مع أنفسنا وحياتنا, وحالنا مع الله خاصة في أيام المصائب والمحن, فوجدنا من تطوع لتكفين الموتى بعد أن أسقط في يد ذويهم ولم تقبلهم أي مستشفى أصلا وقضوا نحبهم في منازلهم أو حتي في الشوارع وهم يحاولون أن يجدوا مخرجا وهناك أطباء تطوعوا لمتابعة الحالات وعلاجها أون لاين, و شباب وضع نفسه في خدمة المرضي وقضاء حوائجهم ونشروا أرقام هواتهم عبر صفحاتهم الشخصية, ومن جهز منزله ليكون حجرا صحيا بعدما تأخر كثيرا عمل مستشفى ميداني كبير ولو في الإستاد أو الساحات الشعبية.
أمثلة كثيرة إيجابية لكنها تبقي تصرفات فردية, وأخري سلبية لمواطن بسيط الذي لم يأخذ حقه في تعليم أو صحة أو إعلام جيد يأخذ بيده ويزيد من وعيه وقت الشدائد والمحن ولهذا فالكوارث متوقعة مثل تنبؤات السيد وزير التعليم العالي في بالأرقام التي أعلنها, أو في تصريحات وزير التربية والتعليم الأخيرة التي يتنصل فيها من المسئولية عن سلامة أرواح أبنائنا من طلاب الثانوية العامة في الوقت الذي يصر فيه علي الامتحانات في موعدها تناقضات أعتدنا عليها منه مثل ثناؤه علي تجربة الأبحاث في سنوات النقل وفي نفس الوقت يستبعد تطبيقها علي الثانوية العامة لأنها تجربة فاشله كلها غش. ربما تناسي سيادته أنه ربان السفينة كما قال عن نفسه فور حمله حقيبة التعليم.
تأملوا معي تلك الكلمات… عندما كنت طفلا رأيت الله, رأيت ملائكة, رأيت أسرار العالمين العلوي والسفلي, ظننت أن جميع الرجال رأوا ما رأيته. لكني سرعان ما أدركت أنهم لم يروا …شمس التبريزي
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.