خالد امام يكتب : وقفة متأنية .. مع ( الاختيار )

كان من الطبيعى ان يحرص كل الشعب المصرى والشعوب العربية بل والأنظمة والكيانات الكارهة والمعادية لنا ايضاً على متابعة ملحمة ( الاختيار ) .. وان تناقضت احاسيسنا ومشاعرنا نحن المصريين والعرب مع مايكنه كلاب فى انظمة وكيانات معروفة بالاسم تكرهنا وتعادينا .
هناك سؤال خايب يطرحه الكارهون الذين فى قلوبهم مرض وفى عيونهم رمد فى محاولة للتقليل من قيمة الملحمة ونتائجها وتأثيرها .. قالوا : اليس كمين البرث مثل أى كمين آخر .. فعلام هذه الضجة الكبرى ؟
الاجابة القاطعة وباختصار شديد وبلاغة اشد قالتها جريدة ( المساء ) فى عنوان صفحتها الفنية يوم الجمعة الماضى بعد ساعات من الحلقة ( 28 ) .. قالت : ( الاختيار مش مسلسل .. ده حكاية وطن ) .. نعم ( حكاية وطن ) عظيم اسمه ( مصر ) ذكرها المولى 5 مرات صراحة فى قرآن يُتلى الى يوم القيامة غير المرات الكثيرة غير الصريحة .. وطن مستهدف منذ بدأ التاريخ من هنا .. راجعوا ياخوارج العصر وكلاب النار اسماء الطامعين والمغيرين على مصر على مدى اكثر من 7 آلاف سنة من هكسوس وحيثيين وفرس واغريق ورومان وتتار وصليبيين وعثمانيين اتراك وفرنسيين وانجليز والمان وصهاينة واخيراً انتم ايها الارهابيون والتكفيريون عملاء الاستعمار الحديث وادواته القذرة .
ولأن ملحمة ( الاختيار ) الدرامية كانت صورة واقعية وطبق الأصل مما جرى فعلاً قبل واثناء وبعد 7 يوليو 2017 ( يوم الهجوم على كمين البرث واستشهاد العقيد البطل احمد منسى قائد كتيبة الصاعقة 103 ومعه 22 من افراد الكمين ) بكل تفاصيلها الدقيقة .. دعونا نتوقف بتأن امام هذه الملحمة الدرامية الواقعية واعمال الفكر فيما جرى ولماذا جرى ونتائج ماجرى .

بداية .. فان ( البرث ) منطقة استراتيجية مفصلية تتحكم فى طريق امداد الارهابيين سواء القادمة عبر الحدود الشرقية أو من وسط سيناء .. ومن هنا كانت مهمة ( الكمين ) ان يكون قاعدة عمليات لقطع هذا الطريق الحيوى وفى نفس الوقت نقطة انطلاق للاغارة على معسكرات الارهابيين واماكن اختبائهم .

ولأن تنفيذ هذه المهام يحتاج الى رجال من نوعية ابطال الصاعقة والعمليات الخاصة .. فقد ذاع صيت البطل احمد المنسى الذى اصبحت عملياته تهدد الارهابيين فقرر مخططو الارهاب مهاجمة الكمين ومحوه من الوجود لتحقيق 3 اهداف :
الأول .. قتل كل من فى الكمين وتصوير ذلك لتحقيق مكسب معنوى لهم ومحاولة احباط ابطالنا
والثانى .. خطف جثمان المنسى تحديداً كأولوية اولى ومعه أى عدد من جثامين الشهداء والتمثيل بها ونشر الفيديو على اوسع نطاق مثلما فعلوا بجثمان الطيار الأردنى
والثالث .. رفع علم داعش على مبانى الكمين المتهدمة لاعلان ميلاد ( دويلة الخلافة ) المزعومة فى سيناء فعلياً ..!!
والآن .. تعالوا نقرأ مابين ثنايا هذه الملحمة لنتعرف هل افلح الارهابيون ومن يعملون لصالحهم فيما خططوا .. ونكشف المستور الذى يحاول خوارج العصر اخفاءه وهو مفضوح بذاته .
كان واضحاً جداً ان من وضع مخطط الهجوم على كمين البرث يوم 7 يوليو 2017 ليس هؤلاء الكلاب بل جنرالات على مستوى علمى ومهنى وتقنى كبير جداً ومن ذوى الخبرة العسكرية العالية .. يتضح هذا من الآتى :
× اولاً .. فرض حصار بعيد عن الكمين لعزله ومنع اى قوات دعم ومساعدة مصرية من الوصول اليه فى الوقت المناسب وتلغيم الطرق والمدقات لاعاقة وصول الدعم قدر المستطاع .
× ثانياً .. استخدام 3 عربات مصفحة ومفخخة احداها استهدفت عربة الضابط خالد مغربى واثنتان لهدم مبنى الكمين على من فيه .. وهو نفس سيناريو 2017 بالضبط .
× ثالثاً .. هذه العربات المصفحة مفخخة بمتفجرات ( سى فور ) .. ولمن لا يعرف فانها من اقوى المتفجرات وهى صناعة امريكية لا تملكها خارج امريكا سوى اسرائيل وهناك قيود امريكية على امتلاكها وتداولها مما يكشف عن الجهة التى امدتهم بها وخططت لمهاجمة الكمين ورصدت بالأقمار الصناعية اماكن قوات الدعم وطرق تحركها فوجهت الارهابيين لقطعها .
× رابعاً .. من امد الارهابيين ايضاً بصواريخ الكورنيت والهاون والرشاشات الثقيلة 14 ونص بوصة ومن دربهم عليها ؟؟.. انها اسلحة لا تتوفر الا للجيوش النظامية والتدريب عليها لا يقوم به سوى عسكريين محترفين بجيوش نظامية .
× خامساً .. اختيار الساعة الرابعة فجراً للهجوم هو فكر مخابراتى عال .. فهو توقيت تغيير الخدمة فى الكمين المرصود عبر الأقمار الصناعية ايضاً .. جنود انهوا خدمتهم ومجهدون وآخرون يتسلمون الخدمة مكانهم عقب صحوهم ولم ينشطوا بعد .. هذا لم يتقرر اعتباطاً .
× سادساً .. المعركة على الورق غير متكافئة بالمرة .. قارنوا بين القوتين وسوف تدهشون من ان 120 ارهابياً مدربين على يد محترفين معهم 12 عربة دفع رباعى عليها رشاشات ثقيلة تخترق المبانى وانتحاريان يستقلان سيارتين مصفحتين ومفخختين بمتفجرات ( سى فور ) فى مواجهة 30 مقاتلاً من الصاعقة مسلحين ببنادق آلية ورشاشات وقنابل يدوية .
× سابعاً .. الارهابيون – كما فى المخطط – استهدفوا المبنى بالهاونات والرشاشات الثقيلة لتدميره ومنع منسى ورجاله من اعتلاء السطح واستخدامه ضدهم .
× ثامناً .. بمجرد ظهور مقاتلات ( اف 16 ) ووصولها قرب الحدود الاسرائيلية اصيب ( المخططون ) بالرعب والهلع .. فقد ايقنوا وهم يتابعون المعركة عبر الأقمار الصناعية ان مخططهم فشل فأصدروا الأوامر للارهابيين بالانسحاب .
× تاسعاً .. حصيلة المعركة : ارتقاء ارواح 22 بطلاً شهيداً من رجال الصاعقة .. اما الارهابيون فقد نفق منهم 40 كلباً من كلاب النار وفشلوا بجدارة فى ان يأخذوا جثمان المنسى أو أى شهيد أو حتى أى حرز منهم .
× عاشراً .. هرول باقى الارهابيين وتركوا جيفة ( كلابهم ) منتشرة فى كل مكان .. فقد كان كل همهم النجاة بحياتهم الرخيصة والتى دفعوها بعد ساعات قليلة عندما استهدف خير اجناد الأرض فلولهم الهاربة قصاصاً لشهداء البرث .. لتبدأ حملات تطهير سيناء .. ليختتم القصاص باستلام الارهابى هشام عشماوى من الجيش الليبى واعادة محاكمته واعدامه لتكتمل منظومة ( البطولة المطلقة ) متمثلة فى المنسى ورجاله ضد ( الخيانة المطلقة ) وتتمثل فى عشماوى ومن على شاكلته .. ليتبادل الجميع – الزوجات المترملات والأبناء اليتامى والأمهات الثكلى والآباء المكلومون والشعب الحزين – العزاء فى شهدائنا الأبرار الأحياء عند ربهم يرزقون .
×× كلمات .. لها معنى ..
× الشهيد البطل احمد منسى حينما ايقن ان النهاية قد حانت .. قال لباقى زملائه الأحياء كما جاء فى تسجيلات بصوته وكررها امير كراره وكل متابعى الملحمة امام الشاشات يبكون : ( زى مااتفقنا يارجاله .. اتدفن بأفرولى .. الشهيد لا بيتغسل ولا بيتكفن ) .. نعم .. لماذا يتم تغسيله وقد طهرته الملائكة بعطور الشهادة ، ولماذا يتكفن وقد التحف بعلم بلاده وافترش تراب الوطن الذى جاد بروحه من اجله حتى لا يمسه طامع أو خائن أو نجس .
× احد كلاب النار عندما وجد استماتة قوات الصاعقة فى الدفاع عن الكمين صرخ بأعلى صوت ويكاد يبكى : ( هم الطواغيت مابيستسلموش لييييه ؟؟!! ) .. ياحمار .. مابيستسلموش لأنهم خير اجناد الأرض .. وانتم احقر حيوانات الأرض .. ثم جاءه الرد العملى من المنسى عندما عاجله برصاصة الموت قائلاً له : ( مااسمهومش طواغيت .. اسمهم شهداء ) واسترد منه لوحة احد الشهداء التى سلبها منه بعد استشهاده فى موقعة سابقة .. حتى اللوحة الألمونيوم لم يتركها المنسى لهم .. الله عليك .
× كلنا شاهدنا كيف استسلم هشام عشماوى للجيش الليبى فى هدوء رغم انه كان يلف حزاماً ناسفاً حول وسطه رفض تفجيره واستسلم .. وهذا يدل على ان القيادات الارهابية غير مقتنعين بما يدسونه فى رءوس اتباعهم من الشهادة والجنة والفوز بحور العين وكل هذه الخزعبلات .
× كلمات المحقق ( احمد السقا ) لهشام عشماوى فى سجن الاستئناف قبل تنفيذ حكم الاعدام رائعة بحق ومهمة .. لكن اركز هنا على 13 كلمة هى الخلاصة قال له : ( مش هنسيب اللى زيك .. ولا اللى مشغلينك .. ولا الأجهزة اللى مشغلة اللى مشغلينك ) .. المعنى واضح طبعاً ومن المقصود بها .. ويلخص كل ماقلته فى هذا المقال .
Khaledemam6@hotmail.com
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.