دكتور إسلام قناوي يكتب : الإلتزام من أمامكم والموت من خلفكم

جاحد من يظن أن الإدارة المصرية قصرت في مجابهة أزمة كورونا أو أهملت في حماية أبناء الشعب من مخاطرها . مصر قامت بكل ما في وسعها تجاه أبناءها في الداخل والخارج . فأبناءؤها في الخارج أرسلت إليهم طائرات الشركة الوطنية إلي حيث وجدوا لإعادتهم إلي أوطانهم معززين مكرمين ، بل أن الأمر لم يقتصر علي ذلك ، حيث أن العالق عند عودته إلي مصر يتوجه إلي فنادق علي نفقته أو أماكن اخري آدمية علي نفقة الدولة للتأكد من خلوه من الفيروس القاتل ويكون ذلك من خلال عزل كامل لمدة خمسة عشر يوما مع تقديم كافة الخدمات الصحية والإنسانية طوال هذه الفترة حماية له ولكافة أفراد أسرته ، فإذا تبين إصابته يتم تقديم العلاج اللازم له ، اما إذا أثبتت التحاليل الطبية خلوه من هذا الفيروس القاتل فيتم السماح له بالخروج بعد هذه الفترة امنا إلي أهله وذويه . وتجدر الإشارة إلي أن الأماكن التي يقيم بها العائدين من الخارج قد تم إعدادها وتجهيزها بصورة مشرفة متضمنة أعلي سبل الراحة ووسائل الرفاهية .
أما مع أبناء الداخل من المواطنين وهم الغالبية فإن قرار رئيس مجلس الوزراء رقم ٧١٩ لسنة ٢٠٢٠ والصادر بتاريخ ٢٠٢٠ قد تضمن إجراءات تنطق بالإنسانية حيث تم تخفيض عدد العمالة في كافة الوزارات والمصالح الحكومية وشركات القطاع العام والهيئات الإقتصادية والشركات التابعة . كما تضمن القرار إعفاء كل الموظفات والعاملات اللواتي لديهن أطفال دون سن الثانية عشر من التواجد في أعمالهن طوال فترة سريان القرار ، كما أشار القرار إلي إعفاء أصحاب الأمراض المزمنة من التواجد في أماكن أعمالهم خلال مدة سريانه . كما يمنح العاملون العائدون من الخارج اجازة خمسة عشر يوما . كما تضمن القرار عدم حساب كافة الاجازات الاستثنائية ضمن الاجازات العارضة والإعتيادية للعامل أو الموظف . أما أبناءنا طلبة المدارس فقد تم الغاء امتحاناتهم واستبدالها بأبحاث سهلة حماية لهم . كما تم إصدار قرارا بالحظر الجزئي بحيث يتم إغلاق المحال في تمام الساعة الخامسة ومنع المواطنين من التجول من الساعة السابعة مساء تم مدها قليلا في شهر رمضان المبارك . ولكن رغم كل هذه الإجراءات السابق الإشارة إليها إلا أن اعداد الإصابات والوفيات في تزايد كبير بسبب عدم التزام المواطنين بالقرارات السابقة .
ومن يلقي عبء النتائج السيئة علي عاتق الحكومة أراه غير محق ، فلا توجد دولة في العالم تستطيع وضع شرطي امام كل شارع لضمان تنفيذ إجراءاتها الإحترازية في مواجهة الوباء القاتل . ومن يتهم الدولة بأنه كان عليها مواجهة الأمر بإجراء حظر شامل لفترة موقتة مردود عليه ، فأن الحظر الكلي سيؤدي إلي إنهيار تام للاقتصاد الموازي ( غير الرسمي ) والذي يبلغ ١.٨ تريليون جنيه من حجم الاقتصاد الكلي للدولة ، أي بما يوازي ٤٠ % من إجمالي الناتج القومي المصري . فإذا كانت الدولة قادرة حتي الآن علي مساعدة هولاء بمنح شهرية بسبب الحظر الجزئي ، فإن فرض الحظر الكلي تعني زيادة قيمة هذه المنح ، وإذا كانت الدولة قادرة علي تقديم منح ومساعدات لهذه الفئة من العامل المسماه بالعمالة اليومية ، فما الحل مع أصحاب المحال والمراكز التجارية ؟؟؟ وإذا كانت الفترة السابقة قد كلفت الدولة مليارات الجنيهات ، فيكفي القول أن خسائر قطاع الطيران المدني بلغ ٢.٢٥ مليار جنيه ، فما الوضع بالنسبة لباقي قطاعات الدولة ، وما الوضع اذا تحول الحظر من جزئي إلي كلي ؟؟ واذا كانت الدولة استطاعت سداد مرتبات العاملين لديها طوال الفترة الماضية خلال فترة الحظر الجزئي ، فهل ستستطيع السير في نفس النهج اذا استطالت مدته أو تحول إلي كلي ؟؟؟
كذلك عمال المنازل وغيرهم من العمالة شبه المؤقتة ؟؟ وهو ما يعني زيادة العبء علي الاقتصاد القومي .
كذلك فمن منا يعلم متي تنتهي هذه الكارثة التي أصابت العالم ولم تستثني أحدا ، وعلي افتراض أنها استمرت شهورا اخري هل يستمر معها الحظر ، وهل لو حدث ذلك واستمر الحظر ولم ينتهي إلا بانتهاء واختفاء الوباء هل يا من تنادون بالحظر الكلي تدركون خطورة ذلك … أن من يطالب بالحظر الكلي لمدة أسبوعين فإن ما تطالبون به لا قيمة له ولن يضيف جديدا ولن يؤدي إلي تراجع حالات الإصابة ، فالأطفال والشباب في المناطق الشعبية والعشوائية لا يطبقون أي حظر ولا يلتزمون بأي قرارات ، والكافيهات والمقاهي تخبيء روادها من جيرانها وسكان الأماكن المحيطة بها وتغلق عليهم كما كان حدث في فيلم الكيت كات للعملاق داود عبد السيد ، صالونات الحلاقة تعلق أبوابها ولكن روادها يدخلون من بابها الخلفي داخل البناية ، المواطنين يستغلون عدم سريان الحظر علي السوبر ماركت ومحلات الأطعمة بالشوارع الجانبية ويتجمعون حولها وداخل سياراتهم ولن تستطيع الشرطة مطاردتهم لأنها بذلك تحتاج إلي ملايين الأفراد والجنود .
اذن فالحل الواقعي والعملي من واقع كل ما سبق هي عودة الحياة إلي طبيعتها ولكن باتخاذ تدابير وقائية وإجراءات إحترازية تتمثل في الإلتزام الكامل والتام باستخدام المطهرات وارتداء الكمامة في كل مكان و أي وقت حتي تنتهي الغمة . وعلي كافة الجهات الحكومية والخاصة وحتي الترفيهية والأندية وضع كبائن التعقيم علي بوابات الدخول وان يكون ذلك شرطا لإعادة الحياة إليها لا تعود بدونه .
أن عودة الحياة إلي طبيعتها مع التزام الجميع ( جهات وأفراد ) بالتدابير اللازمة للحد من المرض هي الإجراء الصحيح والمنطقي الذي يحقق التوازن والمصلحة للجميع ، اما ان يتم فرض حظر تام فهذا معناه موت للطبقات الفقيرة ولن يقلل من عدد الإصابات طالما لم يكن هناك التزام من المواطنين .
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.