إبراهيم نصر يكتب : السعى للعتق .. فى الثلث الأخير

مضت سريعا الأيام المعدودات من شهر رمضان المعظم، فقد ودعنا ثلثا الرحمة والمغفرة، وها نحن دخلنا ثلث العتق من النار، قال النبى – صلى الله عليه وسلم -: “رمضان أوله رحمه، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار”.. فيا سعد من جد واجتهد وسعى فيما تبقى من الشهر الكريم حتى يكون من عتقائه، وحتى يتحقق فيه قول الله تعالى: “يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”، فالتقوى هى الثمرة المرجوة من الصيام، وبها يحصل الإنسان على جواز المرور إلى جنة الخلد إن شاء الله تعالى.
وقد ورد في العديد من الأحاديث النبوية الشريفة ما يبشر المؤمنين الصائمين بالعتق من النار في شهر رمضان، فيقول النبي صلوات الله وسلامه عليه: “إنَّ لله تعالى عتقاء في كل يوم و ليلة – يعني في رمضان – وإنَّ لكل مسلم في كل يوم وليلة دعوة مستجابة”
وقد دلنا الحبيب – صلى الله عليه وسلم – على الطريق إلى العتق من النار في أكثر من موضع في السنة النبوية الشريفة، ووجهنا إلى أعمال كثيرة إذا قمنا بها كانت سببا لعتق رقابنا من النار، ومن بين تلك الأعمال الإخلاص في العبادة والعمل، ومن أوضح علامات إخلاص العبد هي نشاطه في طاعة الله والبعد عن الرياء والعجب بالعمل ليكون خالصا لوجه الله، قال – عليه الصلاة والسلام -: “لن يوافي عبد يوم القيامة يقول: لا إله إلا الله يبتغي بها وجه الله إلا حرَّم الله عليه النار” رواه البخارى.
ومن بين الأمور التي تكون سببًا للعتق من النار البكاء من خشية الله، وتحرك القلب عند سماع الذكر والقرآن الكريم فيستشعر الخشية من الله عز وجل فينهمر الدمع من العين، وتكون سببا في أن يكون العبد ضمن من يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وكذلك السعي في سبيل الله وفي قضاء حوائج الناس طلبا لرضا الله من أسباب العتق من النار، يقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “من اغبرت قدماه في سبيل الله فهما حرام على النار”، لذا على المسلم أن يحتسب كل خطوة يخطوها في سبيل الله، كما أن حسن الخلق والسماحة في معاملة الخلق تجعل صاحبها من العتقاء من النار لقوله صلوات الله وسلامه عليه: “من كان هينا لينا قريبا حرمه الله على النار”، وقال – صلى الله عليه وسلم – : “إنَّ لله عز وجل عند كل فطر عتقاء”، فعلى من يصله هذا الحديث أن يبذل قصارى جهده في الإتيان بالأسباب التي بها عتق رقبته من النار، لا سيما في الثلث الأخير من هذا الشهر الكريم الذى هو ثلث العتق من النيران، حيث رحمة الله السابغة، فيا أرباب الذنوب الكبيرة، اغتنموا هذه الأيام الكريمة، فمن يعتق فيها من النار فقد فاز بالجائزة العظيمة.
وفى زمن الكورونا وفى ظل غلق المساجد دون الجمع والجماعات وإقامة صلاة التراويح ومنع الاعتكاف الذى لا يصح إلا فى المسجد، وكلها إجراءات شرعية صحيحة تحافظ على أرواح الناس تحقيقا لقاعدة: “الساجد قبل المساجد” التى طبقتها وزارة الأوقاف وأيدتها فى ذلك دار الإفتاء، وأقرها الأزهر الشريف، فلا مجال للاعتراض وإثارة الفتن ممن لا عقل لهم ولا فقه، وأولى بهم أن يجتهدوا فى العبادة فى بيوتهم عوضا لهم عن منعهم دخول المساجد، وأن يتخذوا من بيوتهم مساجد يقيمون فيها الفرائض والسنن، ويخلصون الدعاء لله فى جوف الليل بعد الفراغ من صلاة التراويح من حفظهم أو قراءة من المصحف، فيسألون الله أن يرفع عنا الوباء والبلاء وأن يردنا إلى بيوته فى الأرض ردا جميلا.. اللهم آمين.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.