دكتور إسلام قناوي يكتب : وأد الفساد من المنبع

علينا أن نتفق جميعا أن السياسة الحالية للدولة تتخذ منهجا جادا في محاربة الفساد ، فلا تعيين لأي قيادة من درجة مدير عام ” وهي أدني الوظائف القيادية ” وحتي درجة وزير إلا بعد موافقة الرقابة الإدارية والجهات الرقابية والأمنية الاخري علي المرشح للوظيفة . وهذا الأمر أراه هاما ولازما لضمان طهارة اليد والسمعة وعدم الولاء إلي فصيل معاد للدولة ، ويحدث ذلك في أغلب الدول وهو دلالة علي نية الدولة في أسناد الأمر إلي أفضل العناصر المتقدمة أو المرشحة لشغل الوظيفة ، ويجب أن يسري ذلك علي الكافة – وبلا استثناء – لان عنصر فاسد واحد في المنظومة قادرا علي إسقاطها وزعزعة الثقة في المتعاملين معها ، ولكن ….. لأننا تعودنا علي التحايل علي كل ما هو صحيح وقانوني فإن بعض الجهات التي يترأسها فاسدين ومفسدين يقومون بتولية أشخاص مشكوك في أمرهم بطريقة فيها التفاف علي كل الثوابت القانونية والاجراءات الإحترازية وذلك من خلال طرق غير التعيين أو التسكين أهمها إسناد مهام الوظيفة أو الندب أو التكليف لللقيام بمهامها لحين تعيين شخص آخر أو لحين ورود تحريات الجهات الأمنية والرقابية بحجج غير صحيحة ولا تنم إلا عن فاسد يولي فاسد لتتوالي سلسلة الفساد وتستمر وتثمر دون خوف من الله أو القانون ، والمؤسف أن ذلك يتم في جهات تابعة للدولة لتضرب عرض الحائط بكل القيم والتعليمات والتوجيهات السياسية . فلن يولي فاسد أو يساعده علي الإستمرار في منصبه إلا فاسد مثله حتي يضمن عدم إزاحة الستار عن فساده . نحن لدينا مسؤولين يعشقون الفاسد كعشقهم للقناطير المقنطرة من الذهب والفضة ، يحبونه كحبهم لابناءهم ، هولاء خطر علي الدولة ويهدمون كل خططها ونواياها الطيبة في محاربة الفساد ويضعون الحكومة في مأزق شديد ، لانهم محسوبون عليها ، هولاء مكانهم ليس مناصبهم ولكن السجون هي مأواهم الطبيعي حتي تتطهر الدولة منهم ويكونوا عبرة لأمثالهم . يضربون بالقانون عرض الحائط بطريقة فجة ولا يستحون في تسريع قوانين ولوائح ومبادئ خاصة بهم وبأتباعهم .
إن من يعتقد أن الرئيس يستطيع محاربة الفساد وحده هو مخطيء ولكن علينا جميعا محاربتة بكل صوره وأشكاله ، ولكن قد نصطدم أحيانا بآراء البعض بربط محاربة الفساد بفكرة التسلسل الرئاسي والتدرج الهرمي ، فأنت ملزم بأن تعرض ملفات الفساد علي من هو أعلي منك في السلم الهرمي حتي لا تتهم بمخالفة قواعده ولكني أقول أن ذلك يكون في الشكاوي والتظلمات ولا ينطبق علي ملفات الفساد ، إذا كان لديك أدلة ومستندات ضد أي فساد فعنوان هيئة الرقابة الإدارية معروف وكذلك يوجد في كل جهة حكومية وتابعة نيابة إدارية تدرس وتحقق بكل نزاهة وشفافية ، الفساد لا يخضع لقواعد التسلسل الوظيفي أيها الفاسدون تحت التراب العفن .أعرف وزير معروف بسمعته الطيبة داخل وخارج وزارته ولكن للأسف كمية الفساد الموجود داخلها تلفت الإنتباه والانظار لكل العاملين الشرفاء بها . فمرءوسيه يطبقون القانون حسب الهوي ، ويولون أشخاصا لديهم جزاءات إدارية وعقوبات تأديبية مناصب قيادية من أجل إستمرار نهر الفساد ، ومن أهم صوره الحاقهم بماموريات خارجية لصرف بدلات سفر بالدولار أو تشكيل لجان لا عمل حقيقي لها مقابل بدلات ومزايا مالية ، كبح جماح أي طموح للشرفاء هو غايتهم ، الآراء القانونية والفتاوي تفصل لذويهم تفصيلا ، الظلم والعزل هو مصير من لا يتبع هواهم الملوث . قد تكون مسؤولا محترما صادقا في محاربة الفساد ولكن قد يكون لديك رئيس شركة أو مصلحة تابعة يسير علي طريق الفساد كالقطار لا يخرج عن قضبانه ولا يخطيء عنوانه ، هولاء واجب علينا فضحهم وبترهم حبا في بلدنا . الرئيس السيسي لا يرضي بذلك وكان حريصا في أكثر من مقابلة علي حث الجميع علي الإبلاغ عن أي فاسد … إني أري رءوس الفساد قد أينعت وقد كان وقت طيرانها وعلينا جميعا اقتلاعها من جذورها . قلت من قبل وسأظل أقولها … الفساد الإداري هو أساس كل بلاء وبداية كل إنهيار ، الفساد المالي والأخلاقي أساسه فساد إداري ، لو تحلي المسؤول بالعدل والقانون وترك الهوي وأحب بلده سيكون لمصرنا الغالية شأن آخر …. لماذا كل هذا الكره للقانون والحق والعدل ، لماذا كل هذا الاستخفاف بأحكام القضاء ، لماذا كل هذا الاستهتار بمستقبل هذا الوطن …. أفيقوا يرحمكم الله
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.