وبينما كنت أفكر كيف يمكن أن أتعايش أنا وأسرتي مع الكورونا ذلك الفيروس الغامض المميت الذي مازال يحمل أسراره معه وحير كل علماء العالم ومختبراتهم وتجاربهم المعلنة والخفية
لم يدر ببالي أبدا أنني ممكن أن أتحول بالتفكير لتقبل فكرة التعايش مع الإرهاب الأسود الذي بات يداهمنا في كل رمضان ليخطف من بيننا خيرة رجالنا وفلذات أكبادنا ويقلب أيامنا هما وحزنا وغم وسواد
أرهاب ممنهج يستهدف جنودنا الصائمين منذ فاجعة رفح الأولي في رمضان 2012 والتي أستشهد فيها 16 ضابط وجندي وأصيب 7بالقرب من معبر أبو سالم توالت بعدها العمليات الخبيثة
خمسة عمليات ممنهجة ضد جنودنا في الشهر الكريم حتي أمس الأول ليزف للسماء عشرة من فلذات أكبادنا في الأسبوع الأول من رمضان 2020 .
تعايشت مصر مع أمراض مميتة موجعة مثل الإيدز والسرطان وتخطت الكثير من الأوبئة والمجاعات والحروب وعام من حكم الإخوان
وها هي تمهد الأجواء للتعايش مع الكورونا وعودة الحياة تدريجيا مع مخاطرة أن يتحمل كل مواطن مسئولية نفسه في الحماية والعزل خاصة أنه لا علاج حتي الأن ومع عدم قدرة المنظومة الصحية – إن وجدت -علي مواجهة طوفان قادم من إصابات محتمله نتيجة التهاون والاستهتار وقلة الوعي وانخفاض مستوي التعليم والحياة في كثير من المناطق الشعبية وأسواقها
أفكار مرعبة لسيناريو غامض لا يعلمه إلا الله ومع ذلك يمكن التفكير في التعايش معه, ممكن تقبل فكرة الموت بفيروس غامض قاتل لكن لا يمكن أبدا تطبيق ذات النهج مع فكرة الإرهاب الموجه لصدور أبنائنا الصائمين في شهر رمضان؟.
توقيت خبيث لتنفيذ عملية إرهابية العالم أجمع يواجه شبح الموت الذي يخيم علي الأجواء ثم تأتي عملية بئر العبد لتنكأ الجراح مجددا وتنال من حالة معنوية تنامت مع عرض مسلسل ” الاختيار” الذي يروي قصص بطولات أبنائنا في مواجهة الإرهاب الأسود .
وكانت وزارة الثقافة قد أعلنت ان احتفال هذا العام بذكري انتصارات العاشر من رمضان ستبدأ من الخامسة مساء يوم الأحد 3 مايو علي قناتها اليوتيوب بعرض الفيلم الوثائقي الكيلو 19
وهو من إنتاج المركز القومي للسينما ويروي إحدى قصص بطولات معركة الكرامة عام 1973 من خلال مشاهد حقيقية تتناول تفاصيل سقوط حصن لاهتزانيت الإسرائيلي وذلك بعد مرور ساعة واحدة من بداية الحرب
وهو أول حصون خط بارليف وأقواها وكيف سيطر بواسل قوات اللواء 30 مشاة علي منطقة الكيلو 19 وعزلها من جميع الجهات قبل بدء الهجوم الرئيسي.
وهو الفيلم الذي أطالب بعرضه في التليفزيون المصري وعلي كل القنوات الفضائية بدء من الساعة وعدم الاكتفاء بعرض اليوتيوب.
ومن فيروس كوفيد 19 الذي مازلنا نحاول حصاره وعزله والقضاء عليه إلي منطقة الكيلو 19 التي استطعنا بالفعل السيطرة عليها وكانت بدايات لنصر مستحق والتشابه هنا لا في الأسماء ولا التحديات ولكن في روح المقاتل التي يجب أن لا تتوقف جذوتها في نفوسنا وعقيدة أبنائنا.
تمنيت أن يكون احتفالنا هذا العام بذكري نصر أكتوبر الموافق العاشر من رمضان بشكل مختلف يتناسب مع ما تحمله الأجواء من غموض خاصة وأن حرب أكتوبر مازالت حبلي بالتفاصيل الدقيقة والأسرار التي لو تم التركيز عليها لخلق روح جديدة بين شبابنا تجعله يتفهم معني وقيمة كل حبة رمل علي أرض سيناء وهي مخضبة بدماء شهدائنا
ولعل ما أتاحته وزارة الثقافة هذا العام علي موقعها الرسمي بشبكة الأنترنت وهي مجموعة وصفتها بكنوز الوثائق التاريخية عن انتصارات حرب أكتوبر وما تبعها من حالات تكريم لإبطالها إلي جانب ملف عن النصر سينشر في الإصدارات الصحفية.
ومع ذلك الجهد المشكور الذي ربما يذهب دون ان يشعر به أحد مع زخم البرامج والدراما الرمضانية التي يقبل عليها الشباب والتي جاءت معظمها سطحية ساذجة ودون المستوي.
وهنا أكرر ما طالبت به سابقا من ضرورة تدوين حالات اكتشاف جثامين الشهداء بملابسهم العسكرية في جوف صحراء سيناء ونحن نقوم بالحفر والتنقيب والتعمير وعمل أفلام تسجيليه حول حياتهم وعائلتهم وظروف الحرب التي كانوا فيها سواء كانت أكتوبر 1973 أو يونيو 1967أو حرب الاستنزاف أو عدوان 1956، أو حرب 1948، أو حربنا ضد الإرهاب الممتدة من 2012 وحتي الساعة
كثيرة هي الدماء التي سالت ومازالت تروي أرض الفيروز.