التعميم أسلوب خاطئ يرفضه العقل السليم والمنطق القويم، ولم يستخدمه الخالق – عز وجل – فى خطاب السماء إلى الأرض، فلا تجد آية واحدة فى القرآن الكريم تستخدم أسلوب التعميم سلبا أو إيجابا.
أقول ذلك بمناسبة ما شهدته قرية “شبرا البهو” التابعة لمركز أجا في محافطة الدقهلية، من تجمهر العشرات من المواطنين بمدخل القرية معترضين دخول سيارة إسعاف تحمل مواطنة ماتت في الحجر الصحي بالإسماعيلية محاولين منع دفنها بالقرية، وقد شد انتباهى التعليقات على الفديو المتداول على مواقع التواصل الاجتماعى الذى يسجل هذه الواقعة بالصوت والصورة إذ جاءت التعليقات فى معظمها ترجم هذه القرية وأهلها بأقزع الأوصاف وأحط الشتائم على سبيل التعميم، لدرجة ان البعض اقترح أن يمتنع الأطباء عن تقديم أى خدمات طبية لأهل هذه القرية، لكون المتوفاة التى اعترضوا على دفنها طبيبة. ثم انتهز البعض الآخر الفرصة للهجوم بشراسة على الإعلام المصرى كله، وكيل الاتهامات له بأنه أساء لسمعة مصر فى العالم بإذاعة هذا الفديو!.
إن أسلوب التعميم الذى يبنى على أساسه التعامل الخاطئ، يؤدي بالضرورة للأحكام المسبقة غير الصحيحة عن فرد أو جماعة او قرية أو مدينة أو محافظة أو دولة بأكملها، وربما يتطوع البعض بوصف الجنس البشرى كله بصفات حميدة أو وصمه بصفات ذميمة، وذلك خطأ محض، لأنه تبنى لفكرة ما وجعلها القاعدة التي تحدد ردة الفعل، وهو أيضا تشوه في التفكير.
ويأتي هذا التأثير على تعامل الإنسان مع الآخر أو مع ذاته، فعند تعميم شخص ما فكرة الفشل على عمله أو على شخصيته، سوف يعيش بناء على هذه الفكرة الخاطئة، ويؤدى به الأمر إلى اتباع سلوك سلبي، وذات الأمر يكون مع الآخر، مهما اختلفت تفاصيل الحكم.
ونعود للواقعة موضوع هذا المقال، إذ نوجه الشكر للأجهزة الأمنية التى تعاملت بحنكة مع هذا التجمهر، وتمكنت من دفن الجثمان، ونوضح أن قريتى “شبرا وقرموط البهو” لهما مقبرة واحدة، وعدد أهالى القريتين يزيد على 10 آلاف نسمة يدفنون فى مقبرة واحدة، وأن المعترضين مجموعة لا تصل بحال إلى 100 فرد ممن كانوا متخوفين – ذات جهل – من انتقال العدوى إليهم، ووضع القريتين تحت الحظر، ولكن 99% ممن ظهروا فى الصور ومن أهل القريتين متضامين مع المتوفاة وزوجها، نظرا للسمعة الحسنة التى تتمتع بها الأسرة، فكيف نحكم على الجميع بتصرف أحمق من البعض؟!.
أما الهجوم على الإعلام، فضلا عن خطيئة التعميم فإن مبررات الهجوم واهية إذ أن العالم الآن يصعب أن تخفى عنه شيئا، وما لم تنشره أنت سوف تنشره وسائل التواصل والقنوات المعادية مغلفا بتعليقات مغرضة، فكان لابد من النشر لبيان خطأ الفعل والتوعية بتصحيح المفاهيم المغلوطة وتحريك الجهات المختصة للقيام بواجبها نحو مجابهة مثل هذا الفعل المشين، فتحركت الداخلية وقامت بالقبض على 23 إخوانيا تبين أنهم كانوا وراء هذا الشغب وربما هم أنفسهم الذين كانوا يتسترون على اختباء الإرهابى صفوت حجازى فى قرية شبرا البهو، وأكد الدكتور مختار جمعة وزير الأوقاف فى تصريحات للإعلام أن احترام الميت واجب شرعى وإنسانى، وأفتى الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية بأن من يمنع دفن شهداء الواجب آثم شرعا، وقال مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية إن التنمر بالمصابين بفيروس كورونا مرفوض شرعا، والإصابة به ليست ذنبا أو خطيئة وإنما هى مرض مثل أى مرض يصاب به الإنسان، وأوضحت منظمة الصحة العالمية أن إجراءات دفن الموتى بفيروس كورونا المتبعة لا ينتقل بها العدوى.
حفظ الله مصر من كل مكروه وسوء، وأزال عنها البلاء والجهل والغباء ونشطاء السوء من الجماعة الإرهابية.