لا أحد يختلف على أن حكومتنا قدمت وما زالت اقصى ماتملك وزيادة لمواجهة جائحة كورونا .. وان الغالبية الكاسحة من المواطنين التزمت عن رضا وقناعة بتنفيذ الاجراءات الاحترازية التى تحد من العدوى .. الا ان البعض مازال غير مقدر لعواقب الأمور ويتعامل مع هذا الوباء العالمى باستهتار حيناً ودروشة احياناً ..!!
هذا الاستهتار وتلك الدروشة المنطلقة من اللامبالاة لتخدر العقول تسببا فى ان اعداد المصابين والوفيات بدأت تتصاعد ببطء وان كانت حتى الآن فى الحدود الآمنة .. البيانات اليومية لوزارة الصحة فى آخر عشرة ايام تؤكد ان الأعداد قفزت من 609 مصابين و40 وفاه يوم 29 مارس الماضى الى 1450 مصاباً و94 وفاة امس الأول 7 ابريل بسبب عدم التزام بعض المواطنين والعائدين والمخالطين لهم بالاجراءات الاحترازية المعلنة .
وانظروا الى دفتر احوال المتابعة الحكومية خلال شهر مارس الماضى فقط ستجدون انه تم غلق 5 آلاف محل مخالف لمواعيد الحظر و7 آلاف مقهى وكافيتريا تقدم الشيشة و2374 نادياً وقاعة افراح وتشميع 7 آلاف سنتر تعليمى وفض 2116 سوقاً شعبياً .. ارقام كارثية نحمد الله ان تسببت فى هذا العدد المحدود من الاصابات والوفيات .
اقول لغير الملتزمين .. انتم وامثالكم قد تدفعون الحكومة الى اتخاذ اجراءات اكثر حدة حماية لجموع الشعب الملتزم وللدولة مثل فرض حظر تجول شامل على مدار الساعة لن يكون بدعة حيث طبقته العديد من الدول الكبرى والصغرى على السواء ، ومثل تغريم أو حبس المخالف كما فعلت ايطاليا .. الا ان الرئيس السيسى رفض ومازال يرفض حتى الآن كل الاجراءات الصعبة التى توقف حياة الناس .. حتى انه امس الأول طالب الشعب بعدم الخوف أو القلق أو الفزع واكد على ضرورة الالتزام والحذر وعدم التعامل بلامبالاه ومساعدة الدولة لعبور وباء كورونا .
ان ( الدروشة ) التى تنطلق من هطل بعض المفتين المتطرفين وتسير فى ركاب عدم الحذر واللامبالاه تفسراجتياح فيروس كورونا للعالم بأنه غضب وعقوبة من الله للبشر ..!!! ايها الأدعياء الأغبياء ليست كل نائبة غضباً وعقاباً من الله .. طاعون عمواس مثلاً الذى اصاب المسلمين بالشام فى عهد عمر بن الخطاب وقتل 30 الفاً بينهم بعض كبار الصحابة امثال ابى عبيدة بن الجراح ( احد العشرة المبشرين بالجنة ) ومعاذ بن جبل .. هذا الطاعون وماخلفه مستحيل ان يكون غضباً من الله وعقوبة الهية للخليفة العادل ولهؤلاء المسلمين والصحابة .
كان الأجدى بدلاً من هذا الهراء ان تحيلوا قلة اعداد المصابين والوفيات فى مصر رغم استهتار البعض رغم ان دولاً اخرى استهترت ايضاً فتعرضت لكوارث عاتية .. الى دعاء السيدة زينب رضى الله عنها حفيدة رسولنا الكريم لمصر وشعبها حين قدمت الى ارض الكنانة بعد ان أمر الخليفة الأموى يزيد بن معاوية واليه على المدينة المنورة باخراج السيدة زينب من المدينة الى حيث تشاء ماعدا مكة المكرمة فاختارت مصر ووصلتها عام 61 هجرية بعد 6 شهور من استشهاد اخيها الامام الحسين رضى الله عنه سيد شباب اهل الجنة فى معركة كربلاء .. وصلت مصر ومعها ابناء الحسين الثلاثة فاطمة وسكينة وعلى زين العابدين وكان طفلاً .. فخرج المصريون من كل حدب وصوب وعلى رأسهم الوالى مسلمة بن مخلد الأنصارى يستقبلونهم وحملوهم فى هودج واوسعوا لهم فى الكرامة .. فأطلقت السيدة زينب دعاءها الشهير الذى سيظل حصناً وملاذاً لكل المصريين على مر العصور امس واليوم وغداً : ( ياأهل مصر .. نصرتمونا نصركم الله ، وآويتمونا آواكم الله ، واعنتمونا اعانكم الله وجعل لكم من كل مصيبة فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ) .
ارجو الا يتجاوز احد ويتهمنى بالدروشة .. فأهل البيت الأطهار لهم كرامات ومنزلة عند رب العرش العظيم ودعاؤهم مستجاب باذن الله ومنهم بالطبع السيدة زينب التى لها اكثر من ( كُنية ) مثل ( أم هاشم) لأنها حملت لواء راية الهاشميين بعد استشهاد اخيها الامام الحسن ، و( صاحبة الشورى ) لأن اباها الخليفة الراشدى الرابع على بن ابى طالب كرم الله وجهه واخوتها كانوا يأخذون رأيها وشورتها ، و( الطاهرة ) الذى اطلقه عليها اخوها الحسن بعدما شرحت حديث الرسول الكريم ( الحلال بين والحرام بين ) ، و( ام العواجز) لمساعدتها العجزة والمساكين ، و( رئيسة الديوان ) لأن والى مصر وحاشيته كانوا يأتون اليها فتعقد لهم فى دارها جلسات العلم فى امور الدين .. انسانة بهذه العظمة والتقى والنسب الشريف الا يستجيب الله دعاءها ..؟؟
ليت المستهترين والدراويش الأدعياء يدركون اننا فى اصعب واخطر اسابيع نشاط كورونا التى لا يصلح معها استهتار أو دروشة بل التزام وحذر دون خوف أوقلق أوفزع .. ليت الجميع يتمعنون فى كلام الدكتور جون جبور ممثل منظمة الصحة العالمية بمصر حين قال : ان الحياة فى مصر لابد ان تستمر .. وعلى كل مصرى ان يكون ( مسئولاً ) .. فالشوارع مازالت مزدحمة والدولة تبذل اقصى جهودها لتأخير الفترة الصعبة .
ايها المستهترون والدراويش على السواء .. الا تستحون وتحمدون الله ..؟؟
Khaledemam6@hotmail.com