الصفر الأنطولوجى, ذاك العدد الموجود فى حديث الفلاسفة والرياضيين, لكنه غير فاعل تماما كما يسمى غيره بالكم المهمل, أو ما أتفق عليه فى الموروث من أدبيات الإعلام “العربة المعصوبة” لجماهير غفيرة أو قليلة إنما هم يساقون, هم مفعول بهم, هم لا يشكلون سوى عددا موجودا لكنه كغثاء السيل, غير مؤثر بإيجابية ولا يمتلك الفعل أو حتى إرادة الفعل, مجرد الحافز الكامن وليس السلوك الظاهر, وهم جاهزون أو مجهزون ليكونوا أسلحة سلبية الضرب وإنعكاسية التأثير, تماما كالأسلحة الفاسدة فى الجولة الأولى من الصراع الأبدى, هم يحتاجون لتعديل مسارهم الخاطىء إلى” قادة الرأى” ممن دعاهم “ماكلوهان” صاحب أوليات النظريات الإعلامية المنبثقة من عباءة علمى السياسية والإجتماعية والمتفرد بمقولة “العالم أصبح قرية صغيرة” وقادة الرأى هؤلاء هم من يتحملون مسئولية تحصين الوعى لدى الجماهير, وهم من أطلق عليهم ” انتونى جرامتشى ” فى رائعته” دفاتر السجن ” الذين ينزلون من أبراجهم العاجية ليلتحموا مع واقع شعوبعهم بهدف الإرتقاء بالإنسانية وتحقيق التطور الحضارى وهم “المثقف العضوى” ذاك المثقف الذى لا يتحلل من مسئوليته تجاه بنى وطنه وخاصة إذا كان الطارىء من الظرف ما يشكل تهديد وجود, وهنا ينبغى على المثقف العضوى تذخير أسلحة الثقافة من جديد, وربما تعديل تكتيكات استخدامها فى ميادين المواجهة, وهو ما قامت به الثقافة الوطنية واقعا ملموسا فى تحقيق معادلة البقاء فى المنزل للجماهير الواعية, واستغلال وحسن إدارة ثمار ثورة المعلومات من أجل استمرار اتاحة روافد الثقافة لتصب فى نهر الوعى الجمعى, لكن , وتلك ال ” لكن ” الإعتراضية يتعرض طريق الثقافة الوطنية سهام المزايدة ممن يدعون الوصاية الدينية والفهم الأعظم لحل جميع الأزمات وينادون بعكس ما نادى به الدين والشعائر, ويحدثون ردة علمية فاضحة عندما يزايدون أيضا ليس فقط على علماء الدين بل وأيضا على علما الفيروسات أنفسهم الذين خلصت نتائج أبحاثهم فى سبيل دفاعى وحيد وهو ” البقاء بالمنزل ” لأن أهم مسببات الكارثة فى شيوع المرض وانتشاره هو تجمع الجماهير, وتلامسهم, واستنشاقهم ذات الهواء المعبء بالفيروسات الفتاكة, وهذا الأمر مردوده المنطقى الوحيد إرجاع الحكمة لأهل التخصص وقبول النصيحة من العلماء, ولعل أعظم ما قاله الجليل العالم ” على جمعه” هو إن للدين علماء وليس رجال, فالدين مثله مثل باقى العلوم له مناهج بحث, واساليب تتنفق والمنطق وإعمال العقل, ولا يصح أخذه إلا من العلماء وليس من الرجال المدعين, كما أنه لا يصح لمريض أخذ الدواء من مهندس, ولا يصح لدارس أخذ العلم سوى من عالم, هكذا الحال لا يصح ولا يتفق مع مبادىء ” لعلهم يفقهون , أفلا يتدبرون , ..”