ظاهرة غريبة تشهدها السوشيال ميديا ووسائل التواصل الاجتماعى فى مصر تميزها عن غيرها من دول العالم هذه الأيام ولكنه للأسف تميز سلبى, ظاهرة سلبية شديدة السوء والإنحطاط الأخلاقى تعبر عن إفلاس البعض أو الكثيرين فى مصروانعدام أدنى قدر من الإحساس بحجم المسئولية وحجم الخطر أو حجم التحدى الذى تتعرض له البلاد, الغضب الذى تعبر عنه هذه الكلمات انعكاس طبيعى لحجم ما تشهده السوشيال ميديا ووسائل التواصل الاجتماعى من ظاهرة سلبية تتمثل فى تنمر الكثيرمن المصريين بالمسئولين فى البلد والسخرية منهم وفى المقدمة منهم وزيرة الصحة الدكتورة هاله زايد وآخرون فى مواقع ووزارات مختلفة من النقل إلى المحليات إلى الاسكان انتهاءا بالأرصاد الجوية, لم يشفع للمسئولين بالدولة أنهم مارسوا أكبر قدر من المسئولية منذ بدأ الإعلان عن ظهور فيروس كورونا فى دولة الصين, لم يشفع لهم أن الدولة المصرية إتخذت ومبكرا قرارا بعودة المصريين المقيمين فى منطقة ووهان موطن الفيروس وعلى نفقة الدولة ثم إيداعهم فى حجر صحى لمدة 14 يوما وسبقت فى ذلك دولا مثل الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة السعودبة واتحذت كافة الإجراءات الصحية للحيلولة دون انتقال الفيروس داخل البلاد إضافة لتوفير كافة الوسائل المعيشية.
لم يشفع للمسئولين بالدولة المصرية أن مصر لم تشهد سوى ثلاث حالات إصابة فقط حتى كان ماحدث فى باخرة الأقصر السائحية بسبب السائحة التايلندية راح البعض يشكك فى الإجراءات التى إتخذتها الدولة ويتحدث عن إصابة العشرات وأن المصريين المقيمين فى الخارج المصابون بالفيروس أصيبوا به داخل مصر دون أى اثبات أو دليل دون حتى التأكد من دخول أحدهم مصر خلال هذه الفترة, لم يشفع للمسئولين فى الدولة المصرية أن مصر قد تكون الدولة الوحيدة من بين الدول التى أصابها الفيروس لم تشهد سوى حالتين وفاة واحدة لأجنبى والأخرى لمصرى حتى كتابة هذه السطور, راح الكثيرون يتحدثون أن مصر تنكر وجود الفيروس وأن أجهزتها الرسمية تكذب وأن هناك المئات مصابون به وأنه كيف لبلد بها 100 مليون ولايكون بها الفيروس, بل وراح البعض يتندر ويتحدث أن مصر تصدر الفيروس فى مسلك متدنى وانخرطوا فى ذلك مع الكارهين لمصر من جماعات الإخوان وبعض الحاقدين والمتربصين بها هنا وهناك مثل بعض الإعلاميين الحمقى أو المأجورين فى منطقة الخليج الذين طالبوا بطرد العمالة المصرية من دولهم .
فى وقت يضرب فيه الفيروس وبقوة دولا فى مستوانا مثل إيران بل وأكثر منا تقدما وحضارة وأغنى منا بكثير مثل كوريا الجنوبية وإيطاليا وفرنسا بل وحتى أمريكا وحصد أرواح المئات من شعوبها, كان البعض يمارس هواية التشكيك وتصديق الشائعات, كان البعض بل والكثيرون وكأنهم ليسوا مصريون يمارسون دورا فى رأي لايقل عن الخيانة فى وقت الحرب لأن مصر تخوض بالفعل حربا ضد الفيروس القاتل وحربا ضد جماعات الشر ومخططاتها وحربا ضد الإعلام المعادى فى تركيا وقطر وحربا ضد مخططات الرئيس التركى أردوغان الذى يسعى لتقويض مصر وحصارها وزعزعة استقرارها من خلال السيطرة على ليبيا وتحويلها لقاعدة انطلاق للإرهابيين, كما تخوض مصرحربا ضد أثار وتداعيات تفشى فيروس كورونا والتى عانت منها معظم دول العالم والتى تمثلت فى تدنى أسعار النفط وتراجع الصادرات وحركة التجارة الدولية وحركة الملاحة الجوية, وفى مصرإضافة لكل ذلك هناك تراجع فى عائدات السياحة حيث يؤكد البعض إلغاء 70 % من الحجوزات إضافة إلى تراجع تحويلات العاملين بالخارج ورغم كل ذلك يصر البعض على ممارسة هواية التنمر.
المصريون وحدهم هم من يمارسون التنمر فلم يتنمر البريطانيون على رئيس وزرائهم عندما طالبهم بأنهم يجب أن يكونوا على إستعداد لتقبل فراق أحبائهم, والحال نفسه فى المانيا فلم يتنمر الألمان على ميركل عندما قالت أن حوالى 60 أو 70 % من الألمان معرضون للإصابة بكورونا, كما لم يتنمر الإيرانيون على قادتهم من السياسيين ومرجعياتهم الدينية فى وقت توفى فيه ما يقرب من ألف إيرانى, كما لم يتنمر الإيطاليون على المسئولين فى دولتهم رغم وفاة حوالى 1300 مواطن, بل حتى عندما ذهب الرئيس التركى أردوغان لملاقاة الرئيس الروسى فلادمير بوتين فى موسكو ووقف هو والوفد المرافق له وظل ينتظر طويلا فى مشهد مهين ومتعمد حتى تكرم بوتين وأّذن له بالدخول, لم يتنمر الأتراك بإستثناء رئيسة حزب معارض هاجمت أردوغان صراحة وإتهمته بأنه أضاع كرامة تركيا ولكن لم يفعل الأتراك كما يحلو للبعض من المصريين الذين يعرفون جيدا كيف يتم استقبال الرئيس من جانب بوتن وترامب ثم يتركون كل شيئ ويتحدثون عن جلسة الرئيس وهيئتها.
حتى مع أحوال الطقس السيئ مارس البعض هوايته الرخيصة فى التنمر رغم المؤتمر الوزارى الكبير الذى عقدته الحكومة قبيل الإعصار وحضره تقريبا جميع المسئولين المعنيين بالموضوع وحذروا خلاله من الإعصار والتدابير التى يجب إتخاذها, لم يراعى المصريون وفاة حوالى 20 مواطن بينهم إثنان صعقا بالكهرباء, لم يتحدث البعض عن أن إعصار كهذا أكبر من قدرة الدولة بل أكبر من قدرة أى دولة على التصدى له, راح البعض يروج ويشير بوستات على الفيس والسوشيال ميديا تقول:”الحكومة تطالب المواطنين بسرعة لم الغسيل من على الحبال”, بل كان الإعصار فرصة للبعضلإظهار خبراتهم اللامحدودة فى البناء والهندسة فتحدثوا عن إنهيار الطرق وأنها تم تنفيذها بشكل خاطئ وغير علمى, الموضوع هذه المرة أكبر من كونه حالة من خفة الدم التى يتمتع بها المصريون فالبلاد تتعرض فعلا لظروف استثنائية صعبة وتحديات جمة تتطلب التكاتف والإسهام بحلول ومشاركة إيجابية وليس التنمر والسخرية .