جيهان عبد الرحمن تكتب : تكونش شكولاتة !

حسب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة ” اليونسكو” هناك 300 مليون طالب في 13 دوله توقفت دراستهم وأغلقت مدارسهم بسبب وباء كوفيد 19 المعروف إعلاميا بفيروس كورونا, وهذا رقم كبير جدا وغير مسبوق لكنه محاولة من تلك الدول لوقف انتشار المرض, بعد أن طال الوباء أكثر من 80 دولة وأعداد مصابين تخطت 95 الف مصاب علي مستوي العالم, وقفزت الوفيات حاجز الـ3200 حاله حتي 5 مارس, وبينما تتهم واشنطن ايران بالكذب علي الشعب الإيراني حول مدي تفشي كورونا, والسعودية تندد بسلوك ايران وتسببها في نشر الوباء, وتتخذ إجراءات احترازية كثيره منها تعليق الطواف والعمرة وزيارة مسجد الرسول تعقيم هواء المسجد الحرام بالأشعة فوق البنفسجية وتأجيل معرض الرياض الدولي للكتاب, والمغرب تلغي كل الأنشطة الرياضية وتقيم مبارياتها الرياضية بدون جمهور, وترفع فلسطين وإسرائيل حالة الاستعداد القصوى, وتتخذ كل دول العالم البالغ عددها 196 دولة إجراءات احترازية ووقائية لمنع انتشار الوباء. لكن نجد الوضع في بلادنا مختلف عن سائر بقاع الأرض.
منذ اللحظات الأولي التي ظهر فيها فيروس كورونا في مدينة ووهان الصينية, وقد أتخذ الشعب من السخرية سلاحا لمواجهة الأمر وكأن السخرية هي ملاذه الأول والأخير في مواجهة الأزمات بدءًا من الاسم المعروف لدينا بنوع من أنواع الشكولاتة, وبصوت إسماعيل ياسين في عبارته الشهيرة في فيلم ابن حميدو “تكونش شكولاتة” وهو يقضم قطعة من الحشيش, ثم إطلاق النكت الكلامية والمصورة وتأليف أغاني وكليبات ومقاطع تمثيلية ساخرة علي صفحات التواصل الاجتماعي حتي الدعاء علي الأعداء بإصابتهم بالفيروس, وكل ذلك يتزامن مع مطالبات يوميه بوقف الدراسة واقتراحات بالاكتفاء بنتائج الفصل الدراسي الأول أو حذف مقررات شهر أبريل أو التعجيل ببدء الامتحانات, وكأننا في حالة رعب حقيقي رغم تعارض ذلك مع سلوكنا اليومي الذي أقل ما يوصف به هو اللامبالاة.
انتشرت حملات السخرية بدلا من التوعية, والتي طالت كل شيء حتي التعامل الرسمي للحكومة واتهامها بالتعتيم والتشكيك في البيانات, ودخل الكيد السياسي علي الخط مثلما هو الحال بين واشنطن وطهران, حيث بادرت دولا خليجيه لتصنيف مصر علي أنها “بؤرة خطر” خاصة بعد اكتشاف كثير من دول العالم الحالات المصابة بالفيروس قادمة من مصر, واكتشاف 12 حالة إصابة مؤكدة لمصريين يعملون علي متن باخرة نيلية منذ أسبوعين في رحلة بين الأقصر وأسوان ,انتقلت لهم العدوي عن طريق سائحة تايوانيه من اصل أمريكي أكتشف أصابتها فور عودتها إلي بلادها, ولهذا أبلغت منظمة الصحة العالمية مصر, مما استوجب اتخاذ الإجراءات الوقائية وفق إرشادات منظمة الصحة العالمية ويبدو أن ذلك هو مكمن الخطر ومبعث القلق وهو أننا لا نكتشف الحالات إلا عن طريق الغير.
لا أدري هل ستستمر حالة السخرية والتعامل الشعبي بغير مبالاة واكتراث ودون تغيير في السلوك اليومي رغم مطالباته المستمرة بوقف الدراسة التي بات يتعامل معها الشعب علي أنها عبء ثقيل يريد التخلص منه أكثر من حرصه علي التخلص من وباء خطير. وهل سيستمر التعامل الرسمي مع الأمر بطريقه تختلف عن سائر دول العالم التي أغلقت مجالها الجوي مع الدول الموبوءة خاصة أنه لم يكذب حتي الأن رسميا خبر استقبال مطار القاهرة 114 سائحا صينيا في تصرف غير مفهوم شعبيا وغير مبرر سياسيا, دون حساب المخاطر سواء كان الخبر حقيقة أو شائعة وسط تعجب وتندر الجميع.
مازال بإمكاننا فرص للتعامل الجيد مع البلاء في أكثر من اتجاه, شعبيا, التخلص من العادات السيئة والاهتمام بالنظافة العامة والشخصية وإتباع طرق أكثر حرصا في التعامل اليومي بدلا من التقبيل والسلام باليد والحرص علي التهوية الجيدة خاصة في حالات الازدحام الشديد كما هو الحال في مترو الأنفاق أوقات الذروة, الاهتمام الإعلامي بحملات مستمرة علي غرار التوعية ضد البلهارسيا والاستعانة بكبار الفنانين المقبولين شعبيا, وسياسيا عودة الثقة بين المواطن وحكومته بمزيد من الشفافية, ومعرفة الحقائق أولا بأول عن طرق الوزراء المعنيين في فقرات مصورة وبث مباشر وعدم الاكتفاء بالمتحدثين الرسمين أو البيانات المكتوبة لوسائل الأعلام والمواقع, والأهم هنا ضرورة اقتناع المواطن أنه غال وعزيز في وطنه وأن صحته وأمنه أهم لدي حكومته من أي اعتبار أخر.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.