برنامج ” كاتش ” الذي تحدثت عنه نيويورك بوست وروسيا اليوم هو حملة لمنع حمل المراهقات, يتم من خلاله توزيع حبوب منع الحمل علي طالبات المدارس بداية من سن 14 وقد طبق بالفعل علي 50 مدرسة ثانوي بالمدينة لمكافحة وباء حمل المراهقات خاصة الفقيرات, حيث أشارت إدارة صحة نيويورك أن هناك سبعة ألاف طفلة دون سن الـ17 حملن خلال عام 2019 في نيويورك وحدها وكان هذا الحمل مفاجئ غير مخطط له لنحو90% منهن , وتم إجهاض 64% بينما اللواتي استمر حملهن وأنجبن تركوا المدارس حتي يستطعن العمل والإنفاق علي أطفالهن بعد تخلي الشريك عنهن.
يبدو هذا الأمر طبيعيا في مجتمع متفكك تدفع فيه طفلة نتيجة إختيارها لأنها حرة وفقا للقيم السائدة هناك, وبدلا من حملات توعيه ومنظومة تعليميه تشكل وعي وتحفز الوجدان علي
التعاليم الأخلاقية والدينية وجدوا هناك الحل في حملة كاتش وتوزيع حبوب منع الحمل مجانًا.
قبل كيل الاتهامات للغرب الكافر غير المتدين المنحل, والذي نتيه عشقا في تقدمه وبرامجه التعليمية المتطورة ونريد تطبيقها عن ظهر قلب بلا تنقية أو تطويع ما يناسبنا وترك ما يتعارض مع قيمنا, تذكرت أننا لسنا أفضل حالا, فقد نجحوا بالفعل في النيل منا, لكنهم يعترفون بمشاكلهم ويتم علاجها وفق قيمهم, ونحن نخفي رؤوسنا في الرمال, نكتفي برفع شعار نحن شعب مؤمن بطبعة.
في بداية رحلتي الصحفية منذ أكثر من ربع قرن كنت أتابع أخبار الحوادث بأقسام الشرطة ومنها قسم السيدة زينب وهناك كانت الواقعة الكبرى بالنسبة لي, فتاة في الرابعة عشر من عمرها تقيم مع والدها وزوجته, تحمل سفاحا من جار لها متزوج ولديه أولاد في مثل عمرها يكبرها بثلاثون عاما بعد أن أوهمها بالحب وأستغل ظروفها الاجتماعية وقسوة زوجة الأب وتفضيل أبنائها عليها, الضحية مشكلتها غاية في التعقيد, فلا يجوز الإجهاض فهي في الشهر الخامس وهذا محرم شرعا وقانونا وهي ضعيفة البنية قد تموت فيها, ولا يجوز لها ان تتزوج هذا المغتصب المجرم فهي دون السن القانوني, ولا يجوز لها الاستمرار في المدارس بهذا الوضع, تأثرت جدا وكتبت عنها وأم في الرابعة عشر من عمرها, وقتها تحدثت مع علماء إجتماع وعلماء النفس وقانونيين وأطباء, فاكتشفت أن هناك ما هو أفظع من تلك الواقعة, فحدثني كل هؤلاء عن زنا المحارم وكيف إنه شائع لكن في الخفاء والأمر لا يقتصر علي الأسر شديدة الفقر بل هو أيضا في أوساط الأسر ذات الثراء الفاحش, حدثني الأطباء عن حالات تعاملوا معها بمنطق الستر والحفاظ علي الشكل الاجتماعي للأسرة وحدثني رجال الدين عن عقوبة الآخرة وحدثني رجال القانون عن عقوبة الدنيا وحدثتني نفسي عن خلل أكيد أصاب المجتمع في عمقه وفي سلامه الاجتماعي.
حوار حامي الوطيس دار بيني وبين رئيس هيئة قضايا الدولة في ذلك الوقت وأحد مستشاريه الذى رفض بشدة التناول الإعلامي لقضايا زنا المحارم لما فيه من هتك ستر الأسر وترسيخ مفهوم التفكك الأسري وقلة الوازع الديني خاصة وأن باعترافه نسبة وقوع تلك الجريمة الشنعاء كبيرة, وكان يتبني وجهة نظر نكفي علي الخبر ماجور العجين كما يقال في المثل العامي, بينما كان رأي علماء الطب النفسي والاجتماع أن كشف المجرم وفضحه أحد وسائل علاجه وأخذ الحذر منه, وأستقر الرأي علي كتابة التحقيق ونشره في جريدتي الرأي تحت عنوان زنا المحارم وهو ما قوبل باستنكار عدد غير قليل وقالوا كان من الأفضل عدم النشر حتي لا تتغير الصورة الذهنية عن المجتمع المتدين بطبعه حتي لو كنا نضحك علي أنفسنا بالباطل.
بعد إنتشار وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإليكترونية بمختلف توجهاتها لم يعد الأمر سرًا ولا وجهة نظر المسئول عن النشر, أو نكتفي ببضعة أعمال فنيه مثل فيلم الحرام ليوسف إدريس وقدمته باقتدار فاتن حمامه, الأن ثمة صفحات إليكترونية وموبايلات وكاميرات عالية الجودة ويكاد لا يمر يوم دون حادث مخزي من ذلك الفصيل تحرش أو اغتصاب أو زنا محارم لم يعد إنكار الظاهرة يجدي, ومن بيننا من يفكر بنصفة السفلي. نحن نقرع الأجراس يا أولي الأمر يا علماء التربية والنفس والاجتماع والاقتصاد, نقرعها منذ أكثر من ربع قرن مضي لعل الله يحدث أمرًا.