يهل عام 2020 وهو يحمل معه توترات وقضايا عالقة منها ما هو قديم وله سنوات دون حل نهائي ، ومنها ما هو جديد علي المنطقة بسبب تراخي المجتمع الدولي في التدخل لفرض حلول حاسمة علي العديد من قضايا المنطقة ، وبسبب حالة الجنون التي أصابت أردوغان بهلول استانبول بعد تعدد خسارته في ملف الإقليم تباعا وفشله في علاج التدهور الاقتصادي في تركيا وسقوط حزبه في انتخابات استانبول لصالح معارضيه !
لذلك قرر الهروب إلي الأمام ليخرج من حالة المساءلة الداخلية بعد أن فشل في إساءة علاقات تركيا بمحيطها الإقليمي وبالاتحاد الأوروبي بعد محاولات الانضمام إليه فبحث عن ضالته في حكومة فقدت شرعيتها وبرئيس حكومة – فايز السراج – بدرجة رئيس عصابة فقد أيضا شرعيته وقرر بيع ليبيا لمن يدفع وبأي ثمن !
أزمات المنطقة في هذا العام الجديد في العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا إلي جانب الأزمة الإيرانية مع بعض دول الخليج ستضع عام 2020 علي صفيح ساخن وللأسف مع غياب تام لدور الجامعة العربية التي لم تعد تملك شيئا غير الشجب والإدانة
خصوصا التطور الأخير في القضية الليبية واحتمال انفجار الموقف في أي لحظة بسبب تدخل تركي عسكري مباشر في الأراضي الليبية لتتحول ليبيا بذلك إلي رقعة شطرنج تدور عليها معارك بالوكالة وحروب إقليمية بحثا عن مصالح سياسية واقتصادية ونفوذ إقليمي لأطراف تحاول فرض حصار علي مصر التي أوقفت مخطط إعادة تقسيم المنطقة في 30 يونيو وتحويل دولها إلي دول فاشلة لا تملك عناصر القوة أو البقاء فتتم استباحتها ونهب ثرواتها
منذ 30 يونيو 2013 ومصر في طوق النار إذ لا توجد دولة في العالم علي حدودها الأربعة يقبع خطر داهم ينتظر الفرصة لينقض عليها .. في الشرق الكيان الغاصب الصهيوني يري مصر عدوه اللدود والأول وكذلك نحن نراه رغم وجود اتفاقية سلام بارد ، وفي الجنوب ظلت حدودنا في حالة توتر بسبب نظام البشير الإخواني الذي سقط مؤخرا ، ومع ذلك لا تزال الحدود في حالة خطر وتوليها القيادة المصرية اهتماما ملحوظا ، وفي الشمال أدي ظهور الغاز في شرق المتوسط إلي صراع مصالح وثروة وعلاقات معقدة بين دول شرق الحوض ، وفي الغرب حدود بطول 1200 كيلو مع ليبيا التي تعاني من حالة فشل نتيجة صراع ميليشيات مسلحة وانقسام بين شرق وغرب مما حولها إلي مخزن لتجميع داعش ومنظمات وميليشيات تعمل لحساب أطراف وقوي إقليمية ودولية !
استطاعت مصر منفردة أن تحافظ علي حدودها وهي تواجه معارك متعددة في الداخل ( إرهاب مسلح وعملاء طابور خامس ) وفي الخارج ( مؤامرات ودعم إرهاب ماليا واستخبارتيا من دول عربية وإقليمية ) وفي ذات الوطن استطاعت أن تبني مؤسسات الدولة وتعالج هياكلها وتنفذ برنامج إصلاح اقتصادي صعب وقاسي في زمن قليل وتنتهي منه في ديسمبر 2019 لتجني ثماره مع بداية 2020 بإذن الله .
ما يحدث في المنطقة ليس وليد اللحظة ، لكنه من زمن بعيد ، ووثائق الأمم المتحدة وتصريحات مسئولين من دول كبري – خصوصا الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا – قالت أن حروب المنطقة العربية هي آخر الحروب في العالم لخلق شرق أوسط جديد قائم علي تقسيم الدول وتفتيتها ونزع ثرواتها تكون فيه إسرائيل هي الدولة الأكبر اقتصاديا وعلميا وحضاريا ، لذلك لا غرابة أو اندهاش عندما قلنا أنها ثورات الربيع العبري بامتياز وليس الربيع العربي كما سوقوا لها !
الهدف كان في البداية هو إسقاط الجيوش التي تحيط بإسرائيل حتى تستمتع بالعيش بين دول الطوق النظيف .. جيران بلا قوة ودول بلا جيوش ، فكان ” بريمر” وجيش العراق ثم تفكيك الجيش الوطني السوري وصناعة ميليشيات تقاتل بعضها ، وفي ليبيا ضرب الناتو الجيش الليبي وساعد علي فتح مخازن السلاح لمن يريد تشكيل ميليشيا كما هو الحال الآن !
وفي السنة السوداء التي صعدت فيها الجماعة الإرهابية إلي السلطة حاولت ذلك كثيرا واتفقت مع مطاريد الإرهاب بالتنسيق مع حماس والحرس الثوري الإيراني علي تشكيل جيش يتمركز في سيناء تمهيدا لتفكيك الجيش المصري لكنهم فشلوا في كل محاولة قاموا بها .. كان الهدف الأكبر والجائزة هي مصر التي عصيت عليهم جميعا بفضل جيش وطني حر لا يغير عقيدته في الدفاع عن مصر حني الموت .
كان من الضروري البحث عن ثغرة للنفاذ منها وخنجر يضرب خاصرة مصر فكان هذا المعتوه بهلول استانبول المدفوع بنوايا الغل والحقد والكراهية ضد مصر التي أفشلت المؤامرة له وللتنظيم الدولي في حلم الخلافة والهيمنة علي المنطقة ، لذلك فإن مصر وهي تسعي لإنجاز مشروعها التنموي علي كل أرض مصر لن تفرط في أمنها القومي أو استقرارها أو السماح لأحد أن يوقف مشروعها الوطني والتنموي لخلق مصر جديدة قادرة علي تحقيق التقدم والوقوف بين دول العالم المتقدم جنبا إلي جنب .
لم يكن الاهتمام ببناء قوة مصر الشاملة وتعظيم قدراتها العسكرية وتنويع مصادر السلاح والالتفات إلي شراء الأحدث عالميا منه هو نوع من الوجاهة كما يفعل آخرون ، لكنه كان من واقع قراءة لمستقبل المنطقة والصراع القادم فيها سواء كان صراع طاقة ( غاز وبترول ) أو صراع مياه أو صراع حدود وبسط نفوذ .
الرؤية المصرية والحمد لله واضحة وجلية ، وثوابت الدولة الوطنية لا تقبل الشك أو التأويل فيها وقدرتنا علي حماية ثرواتنا وأمننا القومي عالية لأننا نملك الآن عناصر الردع المعنوي والمادي ، وليبيا لن تكون الفناء الخلفي الذي يهددنا ,, وفي عام 2020 إن شاء الله منتصرون في تحديات المياه والغاز والحدود ، هذا وعد الله لمصر ، ودعاء رسوله لجيشها .. و عام سعيد وكل عام ومصر وجيشها وقائدها وشعبها بخير .