عند حدوث المشاكل بين الأحباب يجب إنهاء المشكلة وليس إنهاء العلاقة ..فعندما تنمو أظافرنا نقوم بقصها لا قطع أصابعنا … مقولة ذات معني توقفت عندها وأعجبتني وحاولت أن نتشارك فيها خاصة بعد تزايد حالات الخصام والشقاق بين الأصدقاء والأهل والأحباب والوصول فيه إلي مرحلة الفجور, وتفاقم الحزن إلي الاكتئاب ثم الانتحار خاصة بين الشباب, وكأنه سباق محموم نحو أبشع وأسرع موتة, وكأنها موضة يتكالبون عليها بعد أن هانت عليهم أنفسهم, فقرروا في لحظة يعلم الله وحدة مشاعرهم فيها, وكيف زين لهم الشيطان فعلتهم الشنعاء.
مشكلة لم يستطيعوا إنهائها فقرروا إنهاء علاقتهم بالحياة, في أقل من أسبوع واحد ثلاث حوادث انتحار ينفطر لها القلب, ووفقا للإحصاء الرسمي الصادر من رئاسة مجلس الوزراء هناك حالة طلاق واحدة كل دقيقتين ونصف معلومة ليست جديدة لكنها مؤكدة, ومرشحة للزيادة, هناك أيضا 15 مليون شاب وفتاة وصلوا سن الثلاثين ولم يتزوجوا, المطلقات أكثر من 5 مليون و600 الف, ناهيكم عن حالات الخلع, ونحو 3مليون أرمل معظمهم نساء, والأخطر نحو7 مليون طفل مشرد.
الكوارث اجتماعية بدأت من مشكلة لم يستطع أطرافها حلها فقرروا إنهاء العلاقة بكل ما يترتب عليها من نتائج خصام بين الأصحاب , قطيعة أرحام, فجور في ردة الفعل بعدما ترك الإنسان وحيدا مع شيطانه, جرائم بمختلف أشكالها وتصنيفاتها, انتحار, حالة من البؤس واليأس, وضياع الحلم لغد أفضل.
وسط هذه العتمة أعدت هيئة الرقابة المالية مشروع قانون التأمين الإجباري الموحد ويضم 21 نوع من التأمين ضد المخاطر يأتي من ضمنها إصدار وثيقة تأمين إجباريه ضد مخاطر الطلاق.
مصطلح جديد علي مجتمعنا, قد يكون فيه نفع وحل لكثير من مشاكل الطلاق, صحيح هو أبغض الحلال, لكنه خراب للبيوت العامرة, قد يكون الحل الوحيد, لحالات الخيانة والبخل وسوء العشرة والخلق, لكن ثمة مشاكل مجتمعية مثل بهدلة الزوجة في المحاكم للحصول علي حقوقها المالية هي وأولادها الذين فقدوا البيت والعلاقة الأسرية السوية.
وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق هدفها توفير تغطية تأمينية للزوجة بمجرد حصولها علي وثيقة الطلاق خاصة لو كانت أكثر احتياجا, يتراوح المبلغ المستحق من التأمين من عشرة إلي خمسة عشر ألف جنيه تعين الزوجة علي استمرار الحياة حتي حصولها علي النفقة الشرعية المقررة لها, يسدد الزوج مبلغ الوثيقة علي أقساط تبدأ عند عقد القران ويكون في حدود مائة جنيه – لم يتحدد المبلغ بعد – ضمن رسوم قسيمة الزواج وهذا ليس جديد فالزوج يسدد 50 جنيه طبقا للقانون رقم 11 لسنة 2004 وفق نظام تأمين الأسرة وتذهب الحصيلة لبنك ناصر الاجتماعي لصرفها للزوجة بعد طلاقها حال عدم الحصول علي نفقة, لكن في حال إقرار مشروع القانون سيتم إنشاء مجموعة من شركات التامين تتولي صرف التعويض فور حصول الزوجة علي وثيقة الطلاق.
علي الرغم من نبل الفكرة إلا أنها تواجه اعتراضات جوهرية سواء من أهل التخصص أومن العامة, يجدر أخذها بعين الجد ووضعها في الاعتبار وقت إقرار مشروع القانون الذي لم يعرض بعد علي مجلس النواب, منها أن الحكومة تجد لنفسها وسيلة جديدة للجباية من المواطنين والتضيق عليهم وإرهاقهم بمبالغ إضافية مما يدفع الشباب إلي العزوف عن الزواج من حيث الأصل, ومنها أيضا أن الزوجة عند أي خلاف ستلجأ بسهولة للطلاق مطمئنة أن لديها وسيلة تأمينية مضمونه مما يزيد من نسبة الطلاق.
ثمة مقترح بضرورة إدخال قيمة أقساط التأمين ضمن مقدم الصداق ويكون المبلغ المستحق عند الطلاق عن طريق تعويض التأمين هو مؤخر الصداق حتي يكتسب مشروع القانون مشروعية دينيه, في حين أن د. عمرو حمروش عضو مجلس النواب وأمين سر لجنة الشئون الدينية يري أن المقترح كله لا داعي له لأن وثيقة التأمين تتضمن افتراض الفرقة والطلاق وهذا يخالف الشريعة الإسلامية خاصة أن حقوق المرأة محفوظة كما يري بالقانون وحقها في قائمة المنقولات.
الطلاق أزمة مجتمعية رهيبة فيه هدم للمجتمع لا للأسرة فقط فبعد أن كان الزواج سكن ومودة ورحمة أصبح مشكلة بدلا من حل أسبابها نقوم بقطع العلاقة ذاتها لتنفجر في وجه المجتمع بكل توابعها …وما زال الجدل مستمرا.