– الأسد قطع الطريق على أي لقاء سياسي مع الجانب التركي واوصل رسالة مباشرة لأردوغان.. عدت إلى هنا بعد ثماني سنوات من محاولات إسقاط النظام في دمشق
وكالات الأنباء – الشرق السوري يشهد تطورات كبيرة، بدأت تفضي إلى تغيير خارطة السيطرة على الجغرافية السورية شرق النهر، فبعد أن كان الوضع هناك لسنوات قائم على هيمنة “قوات سوريا الديمقراطية ” وعمادها الكرد بمساعدة وإدارة الولايات المتحدة الأمريكية، فإن تطورات هذا الشهر ومنذ انطلاق العملية العسكرية التركية المسماة “نبع السلام” وما تزامن معها من انسحاب القوات الامريكية من المنطقة، أدى إلى تحولات في مراكز القوى وإدارة الملعب السياسي والعسكري في المنطقة.
دخل الجيش السوري إلى الشرق بدون قتال بالاتفاق مع الكرد برعاية روسيا، ووصل لأول مرة إلى الحدود السورية التركية ورفع العلم السوري على أحد المعابر بين البلدين. وكذلك تقدم الجيش التركي إلى مدينة تل أبيض بقوة النار، واستحوذ على مدينة رأس العين باتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية التي ضمنت له انسحاب الوحدات الكردية من ” رأس العين “. وطار الرئيس أردوغان بعدها إلى روسيا لعقد قمة مع الرئيس بوتين أنجز خلالها اتفاقا تقر فيه موسكو لتركيا ما حصلت عليه من الجغرافية وهي منطقة تتوسط شريط الحدود بين” تل أبيض ورأس العين ” بعمق 30 كيلومترا، بينما ينتشر الجيش السوري على باقي الحدود شرق هذه المنطقة وغربها. مع تفصيل اخر يقضي بتسيير دوريات مشتركة روسية تركية على طول الشريط الحدودي. وستقوم الشرطة العسكرية الروسية وقوات حرس الحدود السورية بمساعدة الوحدات الكردية على الانسحاب وسحب أسلحتها إلى 30 كلم عن الحدود السورية – التركية.
المشهد في الشرق السوري يشهد تحولا في إدارة مفاتيح تلك المنطقة من الإدارة الأميركية المباشرة لها إلى السيطرة والتحكم الروسي، وباتت موسكو هي من ترتب الأوراق في الشرق وتدير التناقضات بين دمشق والكرد من جهة وبين دمشق وأنقرة من الجهة الثانية وكذلك بين أنقرة والكرد.
أوقف اتفاق “بوتين- أردوغان ” تركيا عند الحد الذي وصلت إليه قواتها دون إكمال التوسع شرقا وغربا على طول الشريط الحدودي بين البلدين وفي عمق 30 كيلو مترا التي أعلن أردوغان انها هدف العملية العسكرية التركية. وبناءا على هذه التوافقات الجديدة أعلنت تركيا رسميا انتهاء عملية” نبع السلام ” خاصة أن الوحدات الكردية انسحبت طوعا من المناطق المشمولة بالاتفاقات التركية مع الولايات المتحدة وروسيا.
بالنسبة لدمشق تعتبر أنها حققت إنجازا كبيرا في وصول قوات الجيش السوري إلى الحدود التركية، وانتشار وحداته في مدن شرق النهر دون طلقة واحدة، بعد أن كانت المنطقة مغلقة في وجهها بالقوة الأمريكية وتعنت الأحزاب الكردية. كذلك إزاحت التطورات عن كاهل دمشق مشروع إقامة كيان كردي مستقل على غرار كردستان العراق يقتطع جزءا من الأرض السورية لحساب دويلة تكون بمثابة” مسمار جحا ” للولايات المتحدة في الجسد السوري. والأهم بالنسبة لدمشق هو إنهاء التسلل الإسرائيلي إلى شرق سوريا وانقطاع الخيوط التي كانت تنسجها تل أبيب مع الكرد مستخدمة صنارة الدعم بالسلاح والتكنولوجيا و عروض الحماية وتشكيل غطاء بالضغط في المحافل الدولية لمساندة الدويلة الناشئة.
ولم يكن من قبيل الصدفة أن يوقت الرئيس “بشار الأسد” زيارته لخطوط التماس في ادلب مع إنعقاد القمة بين الرئيسين” بوتين و أردوغان” فقد أراد الأسد إيصال رسالة واضحة للرئيس التركي بأنني أصبحت قريب من الحدود التركية وهاد قد عدت بعد ثماني سنوات من محاولات تركبا الوصول إلى العاصمة دمشق عبر دعم المسلحين، وإعلان أردوغان في بداية الحرب على سوريا انه سيصلي في الجامع الأموي. هذه كانت رسالة الاسد المباشرة. أما في الخلفية فإن الجهود الروسية طوال الأيام الماضية قبيل انعقاد القمة كانت تحاول أحداث خرق في العلاقة المقطوعة بين دمشق وأنقرة. وكانت تسعى إلى إقناع الرئيس أردوغان بعقد لقاء على مستوى سياسي بين الجانبين السوري والتركي. الا ان الاسد آثر قول موقفه في الميدان ومن إدلب بأن هذا بالنسبة له مرفوض، ولن يلتقي أي مسؤول سياسي سوري بنظريه التركي قبل أن تحقق مطالب دمشق، ولذلك قطع الأسد تلك المحاولة الروسية المبكرة بوصف أردوغان باللص و الخادم والأجير عند الأمريكي. ولا تمانع دمشق عقد لقاء سياسي بينها وبين أنقرة ولكن وفق محددات وشروط وضعتها دمشق سابقا في الجيب الروسي وقبله الإيراني.