محمود حبسه يكتب : خلاصة مصر وعيون المصريين
دولا مين ودولا مين دولا عساكر مصريين
دولا مين ودولا مين دولا ولاد الفلاحين
دولا الورد الحر البلدى يصحى يفتح تصحى يابلدى
دولا خلاصة مصر ياولدى دولا عيون المصريين
نعم هم خلاصة مصر وهم عيون المصريين الساهرة كما قال الراحل الشاعر أحمد فؤاد نجم وهم خير أجناد الأرض كما ذكر الحديث الشريف”إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جندا كثيفا فذلك الجند خير أجناد الأرض” وهو الحديث الذى ذكره عمرو بن العاص فى خطبة له عند فتح مصر نقلا عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه عن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم, وهو الحديث الذى صححته دار الإفتاء المصرية وحاول البعض من الكارهين لمصر إضعافه.
والسؤال ولم لا فمن غير المصريين دافع عن الإسلام ودياره ضد الصليبيين والتتار؟ ومن غير المصريين حقق نصرا مؤزرا على اليهود والصهاينة ومن يؤازرهم ويمدهم بكل أنواع وأحدث أنواع السلاح؟ ومن غير المقاتل المصرى استطاع أن يحطم أسطورة الجيش الذى لايقهر وينهى إلى الأبد أحلام اليهود فى التوسع والهيمنة على المنطقة بأثرها ؟ ومن غير المصريين حاربوا وانتصروا وهم صيام كما حارب أجدادهم من العرب فى معركة بدر وكان لهم النصر؟ ومن حارب دفاعا عن الدين وعن الأرض وعن العرض وعن الشرف كما حارب المصريون وقبلهم المسلمون الأوائل؟ ومن استطاع أن يتحدى المعوقات والصعاب التى كانت كلها تقول لا للحرب فالحرب فى عين جالوت أو حطين أو سيناء تعنى الخسارة وتعنى الهلاك؟
دولا اخوتنا ودولا بنينا دولا الأمل اللى مخلينا
دولا المجد اللى يعلينا فوق الجرح نعود سالمين
كم كانت كلمات أحمد فؤاد نجم صادقة وهى تعبر عن حالة الارتباط والتلاحم بين الجيش المصرى والشعب وهى تحكى عن جنود مصر الأوفياء رمز عزها ومجدها القادرين دوما على العبور فوق الجرح وفوق الخوف وفوق اليأس, ألم يأتى نصر أكتوبر عام 1973 الذى تهل ذكراه هذه الأيام شاهدا على ذلك ألم يعبروا من الهزيمة إلى النصر.. ألم يعودوا بمصر والمصريين سالمين شعب واحد ودولة موحدة؟, هذه النوعية من المقاتلين المصريين ضباط وجنود هؤلاء الرجال الشرفاء عاهدوا الله وصدقوا فيما عاهدوا الله عليه, رجال عاهدوا الله على أن تكون كلمة الله هى العليا وعلى أن يكون الموت فى سبيل الله أسمى أمانيهم.
رجال يندر مثلهم فى أى مجتمع , الدفاع عن الوطن وعن العرض والشرف وعن عزة المصريين وكرامتهم هو غايتهم, جسدوا التضحية فى أسمى وأجل صورها,لاخيار ثالث لهم إما النصر أو الشهادة, نوعية من المقاتلين لايعرفون لليأس والإحباط طريقا فكان النصر حليفهم دوما وعلى مر التاريخ.
يبقى يوم السادس من أكتوبر شاهدا على هؤلاء الرجال وعلى مدى وطنيتهم ومدى عشقهم لهذا الوطن وإخلاصهم له, رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا, رجال أعادوا لمصر عزها وشرفها فهى عندهم أغلى وأثمن الأوطان هى الوطن الذى لابديل عنه وهى الأرض وهى العرض والشرف والموت دفاعا عنها شهادة فى سبيل الله, رجال يؤمنون أن الدفاع عن الوطن من المقدسات ومن الضرورات والواجبات التى يفرضها الإسلام العظيم وهو فرض كفاية وقد يتحول إلى فرض عين على كل مصرى مسلم إذا تعرضت القوات المسلحة لمكروه, رجال أشداء على الكفار رحماء فيما بينهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا.
كثيرة ومتعددة تلك الزوايا التى يمكن أن ننظر من خلالها لنصر أكتوبر العظيم لعل أولها هو عامل الثقة بالله وحسن التوكل عليه, فشعار الله أكبر تلك الصيحة الخالدة التى خرجت مدوية من حنجرة كل ضابط وجندى مصرى فى حرب أكتوبر زلزلت الأرض تحت أقدام إسرائيل أسقطت حصون جيشها ومراكز قياداته قبل أن تسقطها نيران الطائرات والمدفعية المصرية, ألقت الرعب فى نفوس مواطنيها وجنودها فى آن واحد قبل أن يصيبهم الرعب من مشهد عشرات الألاف من المقاتلين المصريين وهم يزحفون كالوحوش البرية نحو الأرض المصرية ليطهروها من دنس الأعداء, والسؤال كيف يتحول فلاح بسيط إلى صائد للدبابات؟ كيف عبر المصريون قناة السويس أكبر مانع صناعى رغم تهديدات العدو بتحويلها إلى كتلة نار؟, كيف أزالوا الساتر الترابى وحطموا حصون خط بارليف المنيع؟, بل كيف كان القرار رغم التخاذل والتآمر الاقليمى والدولى؟
قصص ومعجزات تبرهن أن أصحابها تحولوا بفضل إيمانهم بالله وثقتهم فى نصره وعشقهم لوطنهم واستعدادهم للذود عنه إلى أصحاب خوارق, كيف يتلاقى الدم المسلم مع الدم المسيحى يلغى كل الفوارق ليروى أرض سيناء فى أنشودة واحدة مازالت تشدوا بها أرض الفيروز إلى يومنا هذا, لذا سيبقى السادس من أكتوبر شاهدا على هذا التلاحم بين الجيش والشعب والذى كان واحدا من أهم أسرار حرب أكتوبر المجيدة وأحد أهم مفاتيح النصر فيها .
يبقى السادس من أكتوبر أنشودة مصر وحدوتها الخالدة التى ترويها للعالم أجمع عن العسكرية المصرية التى كانت ومازالت وستبقى مدرسة الوطنية على مر العصور ومصنع الرجال, جيل بعد جيل يتوارث فيها الجندى المصرى والمقاتل المصرى جينات الفداء والتضحية دفاعا عن الوطن وعن الدين بكل غال ونفيس, جينات حب الوطن والدفاع عنه مهما كان الثمن ومهما كانت الصعاب والتضحيات, جينات العزة والكرامة لشعب لا يرضى إلا أن يعيش حرا أبيا هو نبت هذه الأرض الطيبة, رجال من أصلاب رجال شرفاء لم يكونوا أبدا مرتزقة فى جيوش الآخرين ولم يكونوا عبيدا عند الآخرين بل أحرار من أصلاب أحرار
ولذاسيبقى الجيش المصرى سند هذه الأمة من بعد الله عز وجل وهو عزها وفخرها وحصنها المنيع .