مسئوليات الإعلام الرياضى..
بقلم حسن المستكاوي
** تناول الزميل عماد حسين قبل أيام مسئولية النقد الرياضى، الذى أصبح الآن يضم تحت رايته الإعلام وبرامجه ومقدمى البرامج والمعلقين أيضا. ومن الطبيعى أن يشجع الإنسان فريقه المفضل، وأن يعلن ذلك. لكن ليس طبيعيا أن يصيغ الناقد رأيه بلون فانلة الفريق الذى يشجعه. وللأسف هناك ظاهرة عربية عامة، وهى تحيز النقاد والصحفيين والمعلقين العرب لمنتخبات ولفرق أندية بلادهم، وتحيزهم للفرق التى تنتمى للإقليم وتواجه فرقا إفريقية وآسيوية وأوروبية، وقد يجد المعلق العربى نفسه فى «خانة اليك»، بلغة أهل الطاولة «حين يواجه فريق بلده العربى فريقا عربيا..!
** أعرف أن المعلق فى المدرسة الإنجليزية ينفعل، ويصيح أحيانا، ويصيبه الحماس لهدف أو للعبة خارقة جميلة، لكنه لا يصرخ على منتخب إنجلترا وهو يلعب أمام ألمانيا ولا يوجهه مع أن البلدين عاشا فى حروب عالمية ذهبت بملايين الضحايا فى القارة الأوروبية كلها، ولا يقول المعلق الإنجليزى وهو يمارس عمله مناديا على لاعبى فريقه أو منتخب بلاده: «حاسب، امسك، شوط.. يا ساتر.. يا لهوى».. ولا ينتقد الحكم كل الوقت وطوال الوقت لأن قراراته ليست فى مصلحة فريقه.
** النقد الرياضى بصفة عامة يعانى فى عالمنا العربى منذ رحيل جيل الرواد والأساتذة الكبار، فأصبحت المهنة مجرد وظيفة، قبل أن تكون هواية وعشقا للرياضة وفهما لها ولقيمها.. لذلك يرى الناقد الرياضى العربى فريقه وحده مع أن المباراة بين فريقين. ويرى الحكم ضد فريقه وحده ويحب أن يراه له وحده، حتى لو كان رجلا عادلا. والإعلام الرياضى بات جزءا من دائرة الاحتقان، بنثر الاتهامات ونشرها. والإعلام الرياضى يدخل أحيانا فى مهاترات لا طائل منها ولا علاقة لها بصميم المهنة، من رؤية الأرقام والمستويات وقدرة الإنسان عل تحدى المسافة والزمن والوزن.. فأصبح هذا كله فى معظم الأحيان هامشيا وثانويا لا ِيحظى بالاهتمام بقدر أهمية مباريات السباب والهباب والأخلاق المنحطة.
** والأخلاق بتعريفها العام والحقيقى هى الروح الرياضية، وقبول الخسارة، والتواضع عند الانتصار، وتهنئة الفائز وشد يد المهزوم. وتقدير الأداء. واحترام المنافس وقبول المنافسة، والأخلاق بمعناها العام هى إعلاء الضمير المهنى والإنسانى، والشفافية، والعمل بأقصى طاقة، والاجتهاد، والإبداع، وعدم الغرور وعدم الكذب. إلا أننا أصبحنا نختصر تعريف الأخلاق فيما لا يمكن إدراجه ضمن الأخلاق، مثل التحرش، والاعتداءات الجنسية، فمن يفعل ذلك عديم الأخلاق. ومن لا يعمل بكل قيم الأخلاق المعروفة منذ وطأ الإنسان الأرض، فهو عنده أخلاق.. كيف ذلك؟
** أكثر من مرة أشار عماد حسين إلى أن منتخب مصر لم يخرج من بطولة إفريقيا لكثير من الأسباب التى ذكرت وتناولتها مواقع التواصل الاجتماعى.. والواقع أن الفريق خرج من البطولة لأسباب فنية عميقة تعرضنا لها كثيرا. وهنا من المهم أن يرى النقد والإعلام الرياضى كله تلك الاسباب بدقة وبموضوعية. ولا ينجرف فى تيار التواصل الاجتماعى الانطباعى سريع الاشتعال والغضب والتحول من مواقف التأييد إلى مواقف الرفض.. هذا لا يجوز بالنسبة للنقد الرياضى.
** أخيرا هناك فارق بين النقد الرياضى والصحافة الرياضية. فالأول يجب أن يتسلح بخبرات، وفهم للمستويات العالمية والعربية، بما فيها من إبداع وتفرد وتميز، وبمعرفة القوانين والقواعد. بينما الصحفى يجرى خلف الخبر والتحقيق، والقصة، لكن أى خبر وأى تحقيق؟ هل هى أخبار الفضائح والمصائب ومعارك السباب والهباب، أم الأخبار المفبركة، أم الرياضية الحقيقية؟
** عندما يصبح الهدف هو نشر أخبار الفضائح.. فإن ذلك يعنى أن الإعلام الرياضى فى محنة مرضية شديدة تحتاج إلى زمن كى يتعافى منها.