كتب- إبراهيم نصر
فى أوائل عام 2018 استطاعت مصر حجب مواقع إلكترونية كثيرة كانت تحرِّض على العنف والإرهاب ضد الدولة وقيادتها بما يمس الأمن القومي، ومن بينها مواقع كانت تُبث من الخارج وتتبع جماعة الإخوان الإرهابية.
كانت هناك انتقادات لاذعة آنذاك لفكرة الحجب من الأساس بداعي أنها غير قانونية ولا يوجد قانون ينظم تلك العملية، وفي شهر مارس من العام نفسه، وافقت لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، على المواد المنظمة لحجب المواقع الإلكترونية ونطاق تطبيقها وذلك ضمن مشروع قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
وقد أعطى هذا القانون سلطات التحقيق المختصة حق الأمر بحجب موقع أو عدة مواقع أو روابط أو محتوى، كلما أمكن تحقيق ذلك فنياً، عندما تكون هناك أدلة دامغة على قيام موقع بوضع أى عبارات أو أرقام أو صور أو أفلام أو مواد دعائية، أو ما فى حكمها، ما يعد جريمة من الجرائم المنصوص عليها بالقانون، وتشكل تهديدا للأمن القومى، أو تعرض أمن البلاد أو اقتصادها القومى للخطر.
لا أحد ينكر أن المواقع الإباحية لا تقل خطورة عن تلك المواقع الإرهابية التى تم حجبها، وأعتقد أن القانون نفسه كان يمكن تفعيله لحجب مواقع الرذيلة بوصفها تضر بأمن البلاد أيضا، لأن مشكلة الدخول على مواقع “البرنو” لا تعانى منها مصر وحدها، بل الإحصاءات تؤكد أن العديد من مستخدمى الإنترنت حول العالم يقضون ساعات طويلة على المواقع الإباحية المختلفة التى تقدم محتواها بالمجان. ووفقًا لدراسة أجراها أحد المواقع الإباحية الشهيرة، فإنه خلال عام 2016 شاهد سكان العالم نحو 92 مليار فيديو على هذا الموقع فقط على مدار العام، وهو رقم كبير للغاية ولا يمكن تجاهله، ولذا فإن عددا كبيرا من دول العالم أصبح لديها اتجاه واضح بشأن حجب المواقع الإباحية ومحاربتها بشكل كبير، وقامت دول أوروبية بتقنين وتحجيم دخول هذه المواقع، من أجل الحفاظ على أبنائها.
وكان النائب رياض عبدالستار عضو مجلس النواب قد تقدم بمشروع قانون، لمنع الدخول إلى المواقع الإباحية إلا ببطاقة الرقم القومي، وحجب وصول صغار السن إليها، مؤكدا أهمية اشتراط إدخال الرقم القومي ووضع ضوابط للمواقع الاباحية بعد كثرة الجرائم الأخلاقية في المجتمع.
وأكد نواب البرلمان أن قانون الجرائم الإلكترونية الجديد سيحجب تلك المواقع ويضم عقوبات على من يدخلها من داخل مصر، مشيرين إلى أن تلك المواقع تنشر الرذيلة وتفسد أجيالا من الشباب، وهدفها تدمير القيم التى جاءت فى جميع الأديان السماوية، والآداب العامة وإفساد أخلاقيات المجتمع.
فيما يرى النائب تادرس قلدس، إنه من حيث التقنيات الفنية تستطيع مصر حجب المواقع الإباحية، وأنه ليس هناك حاجة لقانون جديد، فتستطيع وزارة الاتصالات القيام بهذا الدور من منطلق الحفاظ على شبابنا.
ويؤكد الزميل أحمد بدوى وكيل لجنة الاتصالات بمجلس النواب أن قانون الجرائم الإلكترونية الجديد يحتوى فى مواده على حجب المواقع الإباحية والمواقع التى تحرض على العنف والإرهاب، وأن اللجنة لديها مجموعة من الاقتراحات المقدمة من النواب بشأن تنظيم وسائل التواصل الاجتماعى سيتم عرضها مع قانون الجرائم الإلكترونية خلال مناقشته فى الجلسة العامة خلال الفترة المقبلة، موضحا أن القانون يتضمن عقوبة الحبس والغرامة لمن يدير هذه المواقع داخل مصر.
فى ذات السياق قال عمر حمروش- أمين سر لجنة الشئون الدينية-: إن هناك ضرورة لحجب هذه المواقع التى تدمر أجيال من الشباب وتهدر قيم المجتمع.
يتضح من كل ما سبق أن مصر تستطيع حجب هذه المواقع مهما بلغت تكلفتها، لأننا ما زلنا ندرك معنى ما قاله أمير الشعراء أحمد بك شوقى:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
صلاح أمرك للأخلاق مرجعه.. فقوّم النفس بالأخلاق تستقم